بقلم - عمرو الشوبكي
أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ إجراءات لوقف الإبادة الجماعية في غزة وعدم التحريض المباشر عليها، حيث رفضت في حكمها الصادر يوم الجمعة الطلب الإسرائيلي برفض الدعوى التي أقامتها جنوب إفريقيا، وأعلنت قبولها، وصوتت أغلبية ساحقة (١٥ قاضياً) من أعضاء المحكمة المؤلفة من 17 قاضياً لصالح اتخاذ إجراءات عاجلة تلبي معظم ما طلبته جنوب إفريقيا، باستثناء توجيه الأمر بوقف الحرب على غزة.
والمؤكد أن كثيرين كانوا يتمنون صدور قرار بوقف إطلاق النار، إلا أن النقاط الست التي أصدرتها محكمة العدل تتطلب لتنفيذها وقف إطلاق النار.
وقالت المحكمة في النص الذي تلاه القضاة إن على إسرائيل أن تتخذ «كل الإجراءات التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية».
وذكرت المحكمة أنها تقر بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية، مؤكدة أن الشروط متوافرة لفرض تدابير مؤقتة على إسرائيل. وأضافت إن على إسرائيل الالتزام بتجنب كل ما يتعلق بالقتل والاعتداء والتدمير بحق سكان غزة، وأن تضمن توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة في القطاع بشكل فوري.
وبموجب الحكم أيضاً يتعين على إسرائيل أن ترفع تقريراً إلى المحكمة في غضون شهر بشأن كل التدابير المؤقتة، وعليها أيضاً أن تتأكد فوراً من أن جيشها لا يرتكب الانتهاكات المذكورة سابقاً.
لقد مثل هذا الحكم ضربة قوية لإسرائيل، حتى لو لم ينص بشكل مباشر على وقف إطلاق النار؛ لأنه وضعها لأول مرة في تاريخها في موضع اتهام قانوني، وهي خطوة مهمة لأنها جاءت من دولة مدنية ديمقراطية لا تصنفها أميركا «ممانعة» أو «مارقة»، وهي دولة ذات تاريخ ملهم في محاربة نظام الفصل العنصري والانتصار عليه وهو شبيه بقوة بالنظام الإسرائيلي.
تصريحات رئيس جنوب إفريقيا عقب إعلان الحكم كانت قوية، وتتسم بالرصانة والمهنية والحضور السياسي فقد قال: «إن إسرائيل تقف اليوم أمام المجتمع الدولي وجرائمها ضد الفلسطينيين واضحة للعيان»، وكرر جملة مانديلا نحن نطالب «بالعدالة للجميع».
أما وزيرة الخارجية فقالت أمام مقر المحكمة في لاهاي، إن بلادها فعلت كل ما يلزم لحماية أرواح آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة، وأنها لا تشعر بخيبة أمل لعدم إصدار المحكمة قراراً بوقف إطلاق النار، حتى لو كانت تتمنى ذلك. ما قامت به جنوب إفريقيا عظيم وملهم، وهي انطلقت من تاريخها وتجربتها النضالية لتبني حضوراً سياسياً كبيراً وتصنع مستقبلاً مشرقاً.
مهم أن تبني دول العالم على ما قامت به جنوب إفريقيا، لأنه من ناحية يفتح الباب لفرص حقيقية لإسقاط الحصانة عن آخر دولة احتلال استيطاني وتمييز عنصري في العالم، ومن ناحية أخرى سيعزز من فاعلية الكفاح المدني والشعبي والقانوني ضد دولة الاحتلال.