بقلم - عمرو الشوبكي
على مدار سنوات طويلة لم أشاهد طوال شهر رمضان المبارك إلا مسلسلا واحدا، واستثناء مسلسلين، رغم كثرة أعداد المسلسلات، التى وصلت فى بعض الفترات إلى أكثر من 50، دون وجود مبرر تجارى أو فنى لكل هذه الأعداد.وجاء رمضان الحالى وبقى عادل إمام، أحد أركانه الفنية، مع مسلسل الاختيار المؤثر، ولم تفتنى أيضا متابعة إبراهيم عيسى إذاعيا فى «له ما له وعليه ما عليه».وقد استقر عادل إمام، منذ بدايات هذا العقد، على تقديم مسلسل واحد يحقق نجاحا هائلا ودرجة مشاهدة عالية من مختلف الأجيال، بدأها بفرقة ناجى عطاالله، ثم العراف، فصاحب السعادة، ثم أستاذ ورئيس قسم، وقدم منذ 4 سنوات مسلسله المتميز مأمون وشركاه، وبعده عفاريت عدلى علام، وأخيرا مسلسل العام قبل الماضى الرائع «عوالم خفية»، ثم أخيرا المسلسل الحالى فلانتينو، وهو يعتبر أقل من مسلسله المتوسط عفاريت عدلى علام.يقينا يمكن أن يختلف الناس على بعض مضامين مسلسلات عادل إمام، إلا أنه من المؤكد أنه نجح فى الوصول إلى قاعدة جماهيرية عريضة وليس فقط النخبة المثقفة، واستطاع بموهبته الفذة وذكائه الاجتماعى أن يمثل بديلا جماهيريا لمسلسلات وصفها كثير من النقاد بالهابطة.ويمكن القول إن كثيرا من أعمال عادل إمام مثلت حائط صد حقيقى فى مواجهة نوعية متدنية من الأعمال الفنية، فقد نجح أن يصل إلى قطاع عريض من المجتمع المصرى بصورة لم ينازعه فيها نجم آخر، وانتقد ظواهر الفساد والتزاوج بين رأس المال والسلطة، كما أنه حمل موقفا رافضا جذريا لتيارات الإسلام السياسى بكل تفرعاتها، ووقف بشجاعة ضد الجماعات الإرهابية منذ الثمانينيات حتى الآن، كما أنه انتقد فى أحيان كثيرة وبشكل ساخر التيارات الثورية واليسارية، ومازال الكثيرون يتذكرون حواره الساخر مع العائلة الشيوعية فى فيلم «السفارة فى العمارة».ورغم أن مسلسله الحالى «فلانتينو» يمكن اعتباره أقل من المتوسط، ولكن طريقة تعامل البعض مع فنان بموهبة عادل إمام صادمة، فلا يمكن أن تطالب فنانا أو مبدعا بأن يحال إلى التقاعد أو يعتزل، فهو ليس موظفا حكوميا، فهى جريمة يرتكبها البعض فى حق فكرة الإبداع والمبدعين، وكثيرا ما كان يرددها البعض فى حق الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل، رغم أنه ترك مناصبه الوظيفية منذ عام 1975، وهى طريقة بعض محدودى الإمكانات فى التعامل مع المواهب الاستثنائية والكبيرة فى كل المجالات.نظرية أن عادل إمام قدم مسلسلا أقل من المتوسط، وعليه أن يعتزل، مرفوضة ومسيئة للجميع، فالفنان ليس موظفا يحال إلى التقاعد، إنما يجب عليه أن يفكر فى طريقة جديدة يقدم بها نفسه للجمهور وتراعى تقدم سنه، وهناك أفكار كثيرة يمكن أن تقدم فى هذا الإطار، ومنها ألا يكرر عملا آخر بمستوى فلانتينو.