بقلم - عمرو الشوبكي
طالبت نقابة الأطباء بإجراء حظر كامل لمدة أسبوعين، منها حوالى أسبوع إجازة العيد وعطلة نهاية الأسبوع، صحيح أن قرارًا كهذا ليس طبيًا فقط إنما هو اقتصادى أيضا، وهو ما يعنى ضرورة بحث الوضع الصحى جنبا إلى جنب مع التداعيات الاقتصادية.
ورغم أى أعتبر أن خيار الإغلاق الكامل لمدة أسبوعين هو الأفضل لمصر فى هذا التوقيت، خاصة فى ظل زيادة أعداد المصابين، وهو ما يستلزم بحثًا دقيقًا من قبل الدولة للوصول بشكل سريع للخيار الأنسب.
وسيصبح مفيدًا بحث مسألتين: الأولى خريطة للواقع الطبى والنواقص الموجودة فى مستلزمات الوقاية وقدرة الطاقم الطبى على تحمل مزيد من الزيادة فى أعداد المصابين، بعيدا عن أى خطاب دعائى أو إعلامى إنما خريطة بالواقع كما هو، بأزماته وبظروف مجتمعه.
فمثلا هل يمكن تطبيق عزل كامل أو حتى جزئى فى المناطق العشوائية، وفى أماكن تعيش فيها أسر من 4 أو 5 أفراد فى غرفة واحدة أو غرفتين؟ وهل هناك كمامات يمكن توفيرها بسعر مناسب لكل مواطن يستخدم مواصلة عامة أو يذهب لمصلحة حكومية؟ وامتلاك خريطة بتفاصيل الواقع المجتمعى المصرى بأبعاده الصحية والاقتصادية والاجتماعية بعيدا عن إعلانات التليفزيون أو نصائح بعض الإعلاميين.
مواجهة كورونا هى معركة فى التفاصيل وفى الإدارة وفى العلم، ولا يمكن الاعتماد فيها على الشعارات أو الهتيفة إنما هى فرصة حقيقية لمصر لكى تطور أداءها وتصلح السلبيات والأخطاء ولو فى بعض الجوانب.
وهذا يطرح المسألة الثانية التى تنطلق من فكرة خلية الأزمة لتصل إلى «منظومة مواجهة الأزمة»، والفكرة هنا طبقتها دول كثيرة، ومنها مصر نفسها، فحين تواجه أزمة أو تحديًا ربما أكبر من إمكاناتك فإن هذا يفرض عليك بناء منظومة متكاملة أكثر تقدمًا مما هو موجود، وتتعامل بشكل أكثر كفاءة مع التحدى الجديد.
لقد أقامت مصر قبل انتصار 73 منظومة متكاملة، عسكرية ومدنية واقتصادية وسياسية، أكثر تقدما من باقى مكونات المجتمع، جعلت العبور والنصر حقيقة، فى وقت كانت حسابات الورقة والقلم والتقدم الصناعى والتكنولوجى والاقتصادى فى صالح إسرائيل، ومع ذلك انتصرت مصر بالإرادة والعلم.
وفى الهند، هناك بؤر للتقدم التكنولوجى والصناعى فى ظل بيئة محيطة نامية وفى بعض الأحيان بائسة، ومهمتها أن تشدها نحو التقدم.
تحتاج مصر مع أزمة وباء كورونا إلى منظومة أكثر تقدمًا تبنى على خلية الأزمة الموجودة، وتكون أكثر شمولا وأكثر تقدما مما هو موجود، فلن نصلح منظومة الصحة فى هذا التوقيت، ولن نوعى الناس بصورة كاملة فى أسبوع، إنما وجود منظومة تضم خبراء الاقتصاد والصحة والسياسة والأمن من خارج الجهاز التنفيذى أمر قد يساعد فى طرح أفكار وسيناريوهات واختيارات قد لا يراها كثيرون ممن هم فى طاحونة العمل اليومى.