بين الديمقراطيين والجمهوريين

بين الديمقراطيين والجمهوريين

بين الديمقراطيين والجمهوريين

 صوت الإمارات -

بين الديمقراطيين والجمهوريين

بقلم:عمرو الشوبكي

 

النقاش حول الحزبين الكبيرين ورموزهما في أميركا لا ينتهي، والخلاف حول علاقتهما بالعالم العربي والقضية الفلسطينية مستمر منذ عقود، وتعمَّقَ في الفترة الأخيرة عقب العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، وبعد وصول الرئيس ترمب إلى سدة الرئاسة. والحقيقة أن تأييد الجمهوريين أو الديمقراطيين من قبل أفراد أو دول أو مؤسسات لأسباب فكرية أو سياسية أو مصالح اقتصادية أمر طبيعي ومشروع، لأن الدنيا كما يقال اختيارات، ولا يوجد موقف مبدئي من أي من هذين التيارين، لكن سيبقى من المهم الإشارة إلى أن الموقف منهما لا يحكمه فقط الموقف من برامجهما وسياساتهما، إنما أيضاً من أداء الرئيس في الحكم والإدارة و«بروفايل» الفريق الذي سيحكم معه وخبراته وعلاقته بالعالم ومدى إيمانه بالقيم المدنية والإنسانية الحديثة.

من هنا تبرز أهمية الحذر في التعامل مع إدارة ترمب وعدم اعتباره جمهورياً تقليدياً ينتمي لليمين المحافظ الذي قدم رؤساء كباراً لأميركا والعالم وكان بعضهم علاقته قوية وطيبة بالعالم العربي، وفيها احترام وتقدير لقيم التنوع الحضاري وأيضاً حرص على المصالح الاقتصادية والجيوسياسية المشتركة، وظل بالقطع الدعم المطلق لإسرائيل من ثوابت السياسة الخارجية الأميركية سواء من كان في البيت الأبيض رئيس جمهوري أو ديمقراطي.

من هنا، فإن دعم اليمين التقليدي المحافظ ممثلاً في أميركا بالحزب الجمهوري، وفي أوروبا بتيارات يمين الوسط (الديغوليون في فرنسا والديمقراطيون المسيحيين في ألمانيا وغيرهم) أمر طبيعي، وله وجاهة خاصة إذا وجدنا أن من يقابلهم يسار يرفع شعارات ويثرثر في السياسة أكثر مما يعمل ويعتبر التطبيع مع «المثلية» وفرضها (وليس فقط قبولها) على المجال العام من الأهداف السامية لبعض التيارات داخل الحزب الديمقراطي في أميركا. ومع ذلك، فإن الاتجاهات الرئيسية داخل الحزبين الديمقراطي والجمهوري لها بريق لدى قطاعات واسعة من الناس، فهناك بريق لليمين التقليدي والقومي الذي يدافع عن السيادة الوطنية ويرفض جوانب كثيرة من العولمة والحدود المفتوحة التي جلبت ملايين اللاجئين إلى البلاد، وكثير منهم غير نظاميين. كما أن هناك بريقاً آخر للحزب الديمقراطي بدفاعه عن حقوق الأقليات (وليس فقط المثليين) وإيمانه بالتنوع الحضاري والثقافي وكون كمالا هاريس كانت مرشحة الحزب الديمقراطي وقبلها كان الرئيس أوباما فهي رسالة واضحة أن أميركا دون غيرها من دول الغرب يمكن أن يكون رأس الدولة من أبوين مهاجرين، كما أن لدى الديمقراطيين موقف أفضل جزئياً من الجمهوريين، فيما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني، كما أنهم في السياسات الداخلية أكثر حرصاً على الطبقات المتوسطة والفقيرة من الجمهوريين، صحيح أن الأخيرين يقولون العكس نظراً لأنهم يدعون لخفض الضرائب، وبالتالي يشجعون أكثر على الاستثمار الذي ستستفيد منه الطبقات الشعبية فعلاً وليس كلاماً، وذلك في إطار ردهم على الديمقراطيين.

إذن المشروعية السياسية في الترحيب بالجمهوريين أو الديمقراطيين عالمياً وعربياً لها وجاهة، ولكن يجب التعامل بحذر أكبر حين ينتقل هذا التعامل من اليمين التقليدي المحافظ إلى اليمين المتطرف أو الشعبوي أونموذج الرئيس ترمب، فلا يجب الرهان فقط أو أساساً على كونه رجل مال «وبيزنس» يفهم كما يقال لغة المكسب المتبادل (Win Win) ويمكن الوصول معه إلى تفاهمات تحقق المصالح المشتركة مع العالم العربي، وخاصة دوله الثرية، إنما يجب أيضاً الأخذ بعين الاعتبار أن جانباً من توجهاته سيكون شديد الوطأة والصعوبة على القضية الفلسطينية وعلى عدد ليس بالقليل من الملفات الدولية.

هناك فارق كبير بين مواقف كثير من أحزاب اليمين القومي في الدول الغربية التي ترفع شعار «بلدنا أولاً» وتستدعي مفاهيم السيادة الوطنية في مواجهة العولمة وترفض استقبال مزيد من المهاجرين وتنوي ترحيل غير النظاميين منهم وبين نموذج اليمين المتطرف أو على الأقل خطاب اليمين المتطرف الذي يتبناه ولو جزئياً ترمب بشكل تلقائي وغير آيديولوجي، فلديه موقف سلبي من مختلف الأقليات العرقية «غير البيضاء» من أفارقة ومكسيكيين وعرب وهنود، كما أن إداراته السابقة اتسمت بالعشوائية في الأداء، ولولا أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات قوية لكان الرجل نجح في تغيير كثير من القواعد المستقرة داخل النظام السياسي الأميركي.

علينا أن نسلم بأن التوجه السياسي والاقتصادي ليس هو المدخل الوحيد لتقييم توجهات أي رئيس أو نظام سياسي أو حزب، إنما يجب أيضاً إضافة «تقييم الأداء» وأيضاً المشاركة في القيم الإنسانية الأساسية من مساواة ورفض للتمييز وإيمان بالقانون والعدالة، وهي قيم يتفق عليها نظرياً الجمهوريون والديمقراطيون واليسار واليمين، ولذا فإن أي أداء عشوائي أو فاسد أو تبني آراء متطرفة أو تمييزية من أي تيار أو لون سياسي يجب أن يرفض حتى لو كان هذا التيار مطابقاً لتوجهنا السياسي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الديمقراطيين والجمهوريين بين الديمقراطيين والجمهوريين



GMT 05:55 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 05:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 05:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الهُويَّة الوطنية اللبنانية

GMT 05:53 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

عقيدة ترمب: من التجريب إلى اللامتوقع

GMT 05:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

GMT 05:45 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

واقعية «سرقات صيفية» أم واقعية «الكيت كات»؟

GMT 05:44 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

خليط من الأحاسيس

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - صوت الإمارات
ظهرت الفنانة إلهام شاهين في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي، وهي مرتدية فستانا أزرق طويلا مُزينا بالنقوش الفرعونية ذات اللون الذهبي.وكشفت إلهام تفاصيل إطلالتها، من خلال منشور عبر حسابها بموقع التواصل "فيسبوك"، إذ قالت: "العالم كله ينبهر بالحضارة الفرعونية المليئة بالفنون.. وها هي مصممة الأزياء الأسترالية كاميلا". وتابعت: "تستوحى كل أزيائها هذا العام من الرسومات الفرعونية.. وأقول لها برافو.. ولأن كثيرين سألوني عن فستاني في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.. أقول لهم شاهدوه في عرض أزياء camilla". يذكر أن فستان الفنانة المصرية هو نفس فستان الكاهنة "كاروماما" كاهنة المعبود (آمون)، كانت الكاهنة كاروماما بمثابة زوجة عذراء ودنيوية للمعبود آمون. وهي ابنة الملك (أوسركون الثاني) الذي حكم مصر خلال الأسرة الـ 22...المزيد

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين
 صوت الإمارات - العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين

GMT 05:40 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
 صوت الإمارات - فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:33 2021 الثلاثاء ,25 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 23:39 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان أحمد عز ينشر صورة جديدة له أثناء تصوير فيلم "الممر"

GMT 01:06 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الكوميدي السعودي محمد بن رافعة في حادثة سير في حائل

GMT 07:24 2015 الخميس ,12 شباط / فبراير

"أوبو" تكشف عن أنحف هاتف ذكي في العالم

GMT 20:09 2015 الخميس ,26 شباط / فبراير

افتتاح معرض "مختلف" في كتارا الأحد

GMT 04:06 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

ما سر الرقم 9:41 في صور منتجات آبل؟

GMT 13:47 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

عاصفة شتوية نادرة في أميركا ووفاة 9 أشخاص من البرد

GMT 18:22 2013 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إفتتاح معرض لتماثيل فاسلاف هافيل فى براغ

GMT 22:23 2013 الإثنين ,12 آب / أغسطس

"أمازون" تطور جهاز للألعاب بنظام "أندرويد"

GMT 20:17 2013 السبت ,02 آذار/ مارس

الإعلان عن لعبة "Devil Survivor 2"

GMT 14:31 2016 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

القسم النسائي في تراحم جازان تنظم معرضًا خيريًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates