بقلم:عمرو الشوبكي
الاعتراضات التى أُثيرت حول قانون الإجراءات الجنائية مشروعة وطبيعية لأنها اشتبكت مع نصوص مقترحة من قِبَل اللجنة التشريعية فى البرلمان، وبدا أمرًا صادمًا أن تصدر اللجنة بيانًا تتهم فيه معارضى القانون بأن لهم «أغراضًا خبيثة»، وخصت نقيب الصحفيين، الأستاذ خالد البلشى، باتهامات لا تليق، وليست لها علاقة بالموضوع محل النقاش ولا ما يُفترض أنه عمل اللجنة التشريعية.
وقد اعترضت نقابة الصحفيين على القانون المقترح، كما اعترضت نقابة المحامين، وهو ما دفع مجلس النواب إلى إصدار بيان يقول فيه إن باب النقاش حول القانون لا يزال مفتوحًا، وهو أمر إيجابى.
وقد جاءت الاعتراضات على المادة (٢٦٦)، المتعلقة ببث المحاكمات، والتى نصت على: «لا يجوز نقل وقائع الجلسات أو بثّها بأى طريقة كانت إلّا بموافقة كتابية من رئيس الدائرة، بعد أخذ رأى النيابة العامة». ويرى المعترضون- وبصفة خاصة الصحفيون ونقابتهم- أن هذه الصياغة جعلت القاعدة هى «عدم تغطية الجلسات بدلًا من اعتبارها استثناء فى حالات محددة»، كما جاء فى المادة ١٥ ما يُجيز لمحكمة الجنايات بدرجتيها أو محكمة النقض إقامة دعاوى جنائية ضد المتهمين بارتكاب «أفعال خارج الجلسة من شأنها الإخلال بأوامرها أو بالاحترام الواجب لها، أو التأثير فى قضائها، أو فى الشهود»، وهو ما اعتُبر «توسيعًا لسلطات المحكمة لتشمل المجال العام كله، ما قد يمتد إلى المناقشات الإعلامية ومنشورات مواقع التواصل الاجتماعى».
وقد رفضت نقابة المحامين وعدد كبير من فقهاء القانون الدستورى وحقوقيون نص المادة ٢٤٢، التى جاء فيها أنه: «مع عدم الإخلال بحالة التلبس، وبمراعاة أحكام قانون المحاماة، إذا وقع من المحامى أثناء قيامه بواجبه فى الجلسة، وبسببه، ما يجوز اعتباره تشويشًا مُخِلًّا بالنظام، أو ما يستدعى مؤاخذته جنائيًّا، يحرر رئيس الجلسة محضرًا بما حدث».
وأعلنت نقابة المحامين مقترحها بشأن المادة، بإضافة عبارة (مع عدم الإخلال بالضمانات المقررة فى قانون المحاماة وتعديلاته)، وحذف كلمة (التشويش)، وإحالة (مذكرة رئيس الجلسة) إلى النيابة بدلًا من (إحالة المحامى) حال ارتكابه جريمة من جرائم الجلسات.
كما نصت المادة ٧٢ فى المقترح الأول للجنة التشريعية على عدم جواز تحدث المحامى دون إذن وكيل النيابة، وهو ما اعتبرته نقابة المحامين إخلالًا بواجبات العدالة، و«تكريسًا للإخلال بحقوق الدفاع»، ويمثل مساسًا بقيمة رسالة المحاماة وبحقوق الدفاع بأن تجعل الكلام رهنًا بالإذن من قِبَل عضو النيابة العامة، القائم على التحقيق. يُفترض فى الخلاف حول النصوص القانونية أن ينطلق من نص واضح وقاطع وليس حول تأويلات سياسية أو تصريحات إعلامية، هى بحكم طبيعتها محل جدل، ولذا بدا بيان اللجنة التشريعية خارج قيمة ومعنى النقاش العام الذى يعرفه أى بلد، حيث نتمنى أن يكون هو البديهى فى مصر أن يناقش الموضوع وليس النوايا ولا الحواشى والاتهامات المرسلة.