بقلم:عمرو الشوبكي
أثار الموقف الإيرانى من الهجمات الإسرائيلية على حزب الله جدلا واسعا، واعتبر الكثيرون أن إيران تركت حليفها الأول وحيدا فى معركته لصالح حساباتها الخاصة ومصالحها كدولة.
المؤكد أن إيران مازالت تدعم حزب الله وتعتبره أحد حلفائها المقربين، لكنها صممت هذا التحالف ليس من أجل أن تدافع هى عن حزب الله، إنما العكس أن يدافع الحزب عنها، وأيضا عن توجهاتهم العقائدية المشتركة من جهة أخرى.
والحقيقة أن شيوع نظريات المؤامرة حول الموقف الإيرانى الذى «باع» حزب الله لصالح تفاهمات مع أمريكا وأحيانا إسرائيل يعكس أزمة عميقة فى طريقة تفكير البعض.
وفى نفس الوقت شاهدنا صورة على بعض مواقع التواصل الاجتماعى للإمام الخمينى وهو ينزل من الطائرة التى أعادته من باريس إلى إيران والكتابة تحتها إنه منذ وصول الرجل إلى المنطقة ودولها تشهد انهيارات وحروبا، وهو نوع التعليقات الذى يلغى العقل ويوصل لنتائج سطحية لا تحتاج لأى قدر من التفكير فى الأسباب الموضوعية والعلمية وراء الانهيارات والأزمات التى شهدتها كثير من البلدان العربية.
ونفس الأمر سبق أن تكرر تعليقا على الرد الإيرانى المحدود على إسرائيل فى شهر إبريل الماضى، الذى نال أيضا كثيرا من التعليقات التى روجت لنظريات المؤامرة والسخرية والاستهزاء والتسفيه الذى طال مجمل الأداء الإيرانى.
والحقيقة أن تحليل الموقف الإيرانى أمر بسيط ولا يحتاج أحيانا لكل هذه «التخاريف» التى يقولها البعض، فإسرائيل أقوى من إيران ومتفوقة عليها تكنولوجيا وسبق أن اخترقت وثائق برنامجها النووى وقتلت علماءها واغتالت قادتها وقادة ضيوف على أرضها مثل إسماعيل هنية، والرد الإيرانى كان محدودا مقارنة بالعمليات الإسرائيلية، لأن إيران من ناحية أضعف من إسرائيل، كما أنها تعتبر أن مصالحها فى الوقت الحالى تقوم على الحفاظ على برنامجها النووى وهو يتطلب عدم الدخول فى مواجهة شاملة مع إسرائيل. وهو أمر لا يعنى وجود اتفاق سرى بينهما ولا أنهما متحالفان ضدنا كجزء من مؤامرة كونية ضد «الأمة العربية».
إن هناك إساءة لنا كعرب أكثر من إيران حين لا ينتج بعضنا إلا الكلام الفارغ ونظريات المؤامرة لأنه يضعنا فى خانة المفعول به غير القادر على الفعل، والذى يجعل قضيته الأساسية التشكيك فيما يفعله الآخرون وينسى أو يتناسى أن إيران مثل تركيا مثل كل دول العالم تتحرك دفاعا عن مصالحها، وليس مصالح الآخرين، وأن أحد أدوار أذرعها، وعلى رأسه حزب الله، هو الدفاع عن المصالح المشتركة بينهما وأيضا التوجهات العقائدية والسياسية التى تجمعهما.
يقينا إيران دولة كبيرة ومؤثرة فى نطاقها الإقليمى، وكل تحركاتها من أجل الدفاع عن مصالحها الوطنية ونفوذها الإقليمى حتى لو كان على حساب بلدان عربية كثيرة، وحين حددت سقف تدخلها فى الوقت الحالى لصالح حزب الله حكمته أيضا مصالحها كدولة.