حرية التعبير

حرية التعبير

حرية التعبير

 صوت الإمارات -

حرية التعبير

عمرو الشوبكي
بقلم: عمرو الشوبكي

صدمت الرسومات المسيئة للرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، الغالبية العظمى من المسلمين، وعارضها كثيرون من غير المسلمين، واختلف آخرون داخل أوروبا وخارجها حول حدود حرية الرأى والتعبير، خاصة إذا مست مقدسات دينية تصدم مشاعر الغالبية العظمى من أبناء ديانات وثقافات أخرى.

والمؤكد أن نظرية أنه لا توجد قيود على حرية الرأى والتعبير لا أساس لها فى أعتى النظم الديمقراطية، فأغلب الزعماء الأوروبيين لم يتقبلوا الرسومات الفرنسية المسيئة، وتصريح رئيس وزراء كندا حول أن حرية الرأى ليست بلا حدود لافت، وحتى فرنسا فالإهانة والسب والقذف والازدراء والتحريض والكراهية والعداء للسامية والعنصرية كلها ممارسات لا تدخل تحت بند حرية الرأى والتعبير، ومع ذلك اعتبرت أن الإساءة للرموز الدينية ضمن حرية الرأى والتعبير.

والمعروف أن العلمانية الفرنسية لا ترى ما نعتبره فى بلادنا حرمة مس المقدسات الدينية، ولا تعتبر أن هناك ما يمنع من الناحية القانونية والدستورية من الهجوم على الأديان والرموز الدينية، وهو فارق ثقافى يجب أن نقر به دون عقد نقص أو تفوق.

إن النموذج العلمانى الفرنسى له خصوصيته فى أوروبا، فهو يحمل موقفا رافضا لكل المظاهر الدينية فى المجال العام وليس فقط السياسى، فقضى على دور الكنيسة الثقافى والسياسى وسخر منها، وأصبح غير مستعد لأن تقوم ديانة جديدة كالإسلام بأى دور ثقافى وسياسى داخل المجتمع، فتحسس من الحجاب ومن بيع اللحم الحلال فى بعض المطاعم وحارب البوركينى (لباس البحر الخاص ببعض المسلمات).. وهى كلها أمور لا تطرح للنقاش فى كثير من البلدان الأوروبية، فبريطانيا وألمانيا مثلا لا توجد فيها قيود على ارتداء الفتيات الحجاب داخل المدارس والمؤسسات الحكومية، على عكس فرنسا.

ومن هنا فإن النقاش العربى الفرنسى حول قضية حرية التعبير يجب أن ينطلق من أننا لا نختلف على المبدأ، ولكن الخلاف حول تجاهل قيمة أخرى راسخة يجمع عليها المسلمون والمسيحيون فى العالم العربى برفض المساس بالرموز الدينية، وأن المسيحى العربى لا يقبل إهانة الرموز المسيحية ولا ينطلق من نفس المنطلقات العلمانية الفرنسية فى التعامل مع قضايا المقدسات الدينية.

مواجهة هذه القضية ستكون مثلما اقترح الأزهر الشريف فى محاولة إقناع العالم بأن الإساءة للمقدسات الدينية لا يختلف عن العداء للسامية والعنصرية، وهى قضية فكر وحوار ثقافى وليس تحريضا وكراهية وتواطؤا مع الإرهاب، وهو أمر يختلف تماما عن تلك الفكرة السطحية التى طرحتها وزارة الأوقاف بإرسال قوافل لأوروبا لتعريفهم بنبى الرحمة وكأن القضية تتعلق بإقناعهم بالإسلام، فى حين أنها قضية فروقات ثقافية بين مجتمعين، أحدهما يعتبر علمانيته قامت على مناهضة الدين ثقافةً وتشريعًا، فى مقابل مجتمع آخر يعتبر أن مبادئ الشريعة هى المصدر الرئيسى لتشريعاته، والمطلوب الحوار بينهم على أرضية الاحترام المتبادل، لا هداية طرف لتبنى خيارات الطرف الآخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرية التعبير حرية التعبير



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates