العلمانية الفرنسية

العلمانية الفرنسية

العلمانية الفرنسية

 صوت الإمارات -

العلمانية الفرنسية

عمرو الشوبكي
بقلم: عمرو الشوبكي

بعيدًا عن الخلاف مع تصريحات الرئيس الفرنسى الأخيرة إيمانويل ماكرون عن «أزمة الإسلام» واستهداف جانب كبير من الإعلام الفرنسى للمسلمين ووضعهم كمتهمين بالعنف والإرهاب، وبعيدا أيضا عن ردود فعل كثيرة فى العالمين العربى والإسلامى اعتبرت أن قضية فرنسا الوحيدة هى كراهية الإسلام واستهداف المسلمين وليس الدفاع عن مصالح شعوبها والتمسك بدساتيرها التى لو كانت كلها سيئة لما سعى الملايين من أبناء العالم العربى للهجرة والعيش هناك.

والحقيقة أن تداعيات الجريمة الإرهابية التى قام بها شاب شيشانى (قطع رأس مدرس شاب أساء للرسول الكريم برسوم كاريكاتورية تحت حجة حرية الرأى) كانت عميقة على الجانبين، فبرر الجريمة بعض العرب والمسلمين وكأن النقاش والرد بالحجة عيب فى مجتمعنا، واعتبرها كثير من المتطرفين فى فرنسا فرصة للتعميم واتهام كل المسلمين بالإرهاب.

ومع ذلك سيبقى من المفيد فهم خصوصية النموذج العلمانى الفرنسى مقارنة بنماذج علمانية أوروبية أخرى، فهو النموذج الأكثر تشددًا لأنه يفصل بين الدين والمجال العام، وليس فقط المجال السياسى مثل كل الدول المدنية فى العالم.

وقد عرفت فرنسا قانون 1905 الذى منع الدولة من الإنفاق على الكنائس والمؤسسات الدينية المسيحية.

والمؤكد أن هذا القرار طبق بصرامة فى فرنسا، وأثار مشاكل بعد أن أصبح الإسلام هو الدين الثانى فى فرنسا، فقد اعتبر المسلمون أن الكاثوليك ورثوا كنائس ومؤسسات راسخة وثرية فى المجتمع منذ قرون، فى حين أن المسلمين الذين ظهروا كدين وافد حديث، إذا أرادوا بناء مساجد ومقابر لهم اصطدموا بعدم قيام الدولة بالإنفاق عليهم وفق قوانين النموذج العلمانى الفرنسى، فاضطروا (وبعضهم كان ذلك على هواه) أن يلجأ لدول عربية وإسلامية لبناء المساجد ودعم الهيئات الإسلامية.

ولذا فإن دعوة ماكرون بفرض رقابة على التمويل الخارجى للمؤسسات الإسلامية الفرنسية مقبول ولا يمكن النظر إليه على أنه عداء للإسلام إنما هو تفعيل لقانون يطبق على جميع الأديان، مع ضرورة إيجاد وسائل لتمويل محلى فرنسى لبناء دور العبادة الإسلامية وغيرها من الأنشطة طالما فى إطار الدستور والقانون.

والحقيقة أن العلمانية الفرنسية تفصل الدين عن المجال العام، فلا تجد على لوحة الشرح فى المدارس الحكومية صليبا معلقا مثل كثير من المدارس الأوروبية، ولا تسمح بالحجاب أو غطاء الرأس فى المدارس وفى أى مؤسسة حكومية، فى حين أن المدارس الخاصة ومنها الكاثوليكية قبلت طالبات مسلمات يرتدين الحجاب عقب استبعادهن من المدارس الحكومية.

صحيح أن العلمانية الفرنسية تشغل نفسها بتفاصيل كثيرة خاصة لأمور تعتبر فى مجتمعات أوروبية كثيرة أمورا شخصية (كالحجاب أو لباس البحر البوركينى أو اللحم الحلال) ولا تثير أدنى اهتمام فى بريطانيا وكثير من الدول الأوروبية، وهى أمور تحتاج إلى نقاش متبادل لفهم طبيعة النموذج الفرنسى الذى يخصهم ولن يفرض علينا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العلمانية الفرنسية العلمانية الفرنسية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates