بقلم : عمرو الشوبكي
على خلاف الانتخابات الرئاسية السابقة التى توقعت فيها على صفحات «المصرى اليوم» فوز بايدن برئاسة الولايات المتحدة، فإن هذه الانتخابات سيكون من الصعب التنبؤ بثقة باسم الفائز، ليس فقط بسبب ضيق الفارق بين المرشحين، إنما أيضًا لأن هذه الانتخابات قد يربحها مرشح بسبب هفوة أو جملة أو تصريح طائش من منافسه.
صحيح أن كثيرين فى عالمنا العربى يعتبرون أنه لا فرق بين مرشح ديمقراطى وآخر جمهورى، وكلاهما مثل بعض أو فى صياغة أخرى كلاهما أسوأ من بعض، وهو توجه مفهوم فى ظل انحياز الحزبين بدرجات مختلفة إلى إسرائيل، ولكنه توجه لن يستطيع أن يقرأ تفاصيل الواقع بشكل جيد لأن هناك فروقات فى الجزئيات بين المرشحين يمكن البناء عليها، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
الواضح أن دعم إسرائيل من ثوابت النظام السياسى الأمريكى، وأن الخلاف بين الحزبين هو فى تفاصيل السياسات وليس جوهرها، خاصة أن الجناح التقدمى وحلفاءه فى الحزب الديمقراطى، والذى يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلى، ويدعم حق الشعب الفلسطينى فى بناء دولته المستقلة، لا يزال بعيدًا عن الوصول إلى السلطة.
والحقيقة أن فوز ترامب سيعنى وصول حليف بالمطلق إلى إسرائيل، فهو لا يشير إلى أى حقوق تُذكر للشعب الفلسطينى، ولم يدعُ، ولو بالخطأ، إلى وقف الحرب فى غزة أو حماية المدنيين الفلسطينيين، كما أنه من المعروف أن ترامب سبق أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وقال أكثر من مرة إن على إسرائيل أن تتم عملها فى غزة وأن ترسل إليها أمريكا ما تريد من السلاح، أى أنه يعتبر أن قتل الأطفال والنساء ليس أمرًا مهمًّا، ولا يثير أى اعتراضات من جانبه، ولم يتحدث عن هدنة أو وقف إطلاق نار، ورفض قرارات محكمة العدل الدولية بمطالبة إسرائيل بحماية المدنيين.
أما كمالا هاريس فقد طالبت مرات عديدة بحماية المدنيين الفلسطينيين وبإنهاء الحرب، وموقفها أفضل قليلًا من موقف بايدن من الحرب فى غزة، ولكنه لا يمكن وصفه بالموقف العادل الذى يعمل على وقفها لأن هذا الموقف لو اتُّخذ فسيعنى وقف شحنات السلاح لإسرائيل، وهو تحدٍّ كبير من غير المتوقع أن تُقدم عليه هاريس لو أصبحت رئيسة فى ظل الظروف الحالية.
الفارق بين كمالا هاريس ودونالد ترامب أن الأولى مرشحة ديمقراطية «طبيعية» فيها كثير من عيوب الحزب الديمقراطى، حيث كلامه الطيب وممارساته السيئة، أما الثانى فهو مرشح جمهورى «غير طبيعى»، ولا يمثل نموذج اليمينى المحافظ الذى سبق أن حكم كثير من زعمائه الولايات المتحدة، إنما هو نمط فج فى الحكم والإدارة، مارَس الكذب، وروّج فى البلد الأكثر تقدمًا فى العالم للخرافة وكراهية العلم، وخاصة أثناء فترة كورونا، وهو ما يجعلنا نقول، ولو همسًا، إنه من الصعب أن يفوز، ولكنه ليس مستحيلًا.