العيش المشترك

العيش المشترك

العيش المشترك

 صوت الإمارات -

العيش المشترك

بقلم : عمرو الشوبكي

أحسن الأزهر فعلا حين عقد، الأسبوع الماضى، مؤتمرا حول «المواطنة والعيش المشترك»، وتطرق لقضايا شائكة، ظل الأزهر متهما بتجاهلها لصالح الاكتفاء بشعارات الوحدة الوطنية وقبلاتها بين الشيوخ والقساوسة.

والحقيقة أن الأزهر شهد خطوات مهمة فى الفترة الأخيرة تحت قيادة فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، سواء على مستوى الخطاب الدينى أو على مستوى الإصلاح المؤسسى أو مبادرة إنشاء مرصد لمواجهة الأفكار المتطرفة باللغات الأجنبية، وجاء مؤتمر العيش المشترك الذى ضم مسلمين ومسيحيين ليمثل علامة أخرى على الطريق الصحيح.

وستظل معضلة كثير من المؤتمرات كما فى كثير من المبادرات الكبرى تتمثل فى امتلاك الوسائل والآليات التى ستنفذ بها، فالأزهر تقوده شخصية نزيهة ولديها كثير من الآراء الإصلاحية، ولكنه على رأس مؤسسة مازال يسيطر عليها الفكر التقليدى وعدم الرغبة فى التجديد والإصلاح وتقديم الاجتهادات التى تتواكب مع مشكلات العصر وتحدياته.

والحقيقة أن مشكلة كثير من هذه المبادرات أنها لا تمتلك الوسائط الكافية لتنفيذها خاصة بعد حصار المبادرات الأهلية وتضييق الخناق عليها وسوء السياسات وعدم الاهتمام بالتعليم.

حتى أصبح الحديث عن نقص الكوادر القادرة على حمل الأفكار الإصلاحية للواقع حقيقة.

والحقيقة أن مؤتمر الأزهر عن العيش المشترك ذكرنى بأحد الأسماء البارزة التى عملت بجد وإخلاص فى هذا الملف وهو هشام جعفر الذى ربطته بالأزهر علاقة طيبة وقوية، وكان من رواد مشروع العيش المشترك فى مصر، ومع ذلك مازال الرجل قابعاً خلف القضبان لما يقرب من عام ونصف العام رهين الحبس الاحتياطى وبدون محاكمة.

وهشام جعفر واحد من أكبر الأسماء الفكرية والصحفية فى مصر، فهو صاحب فكرة الإنذار المبكر فى مناطق التوتر الطائفى مع سمير مرقص وسامح فوزى وحنا جريس وآخرين، وتعاون مع فضيلة شيخ الأزهر أحمد الطيب ومشيخة الأزهر الشريف، وأيضا فضيلة الشيخ على جمعة لتقديم أفكار تفيد البلاد فى موضوع الفتنة الطائفية ومعالجتها بطريقة تحترم الواقع الاجتماعى المعايش دون أن تستسلم لمثالبه، وتسعى لتغييره من خلال نشر مفاهيم عصرية للدين فى أوساط النخبة والمجتمع.

وقدم هشام جعفر، مع بدايات الألفية الثالثة، كتابات وأبحاثاً حملت رؤى نقدية عميقة لفكر جماعة الإخوان وتنظيمها، بعضها نشرناه منذ عشر سنوات فى مركز الأهرام للدراسات فى كتابين شهيرين حررهما كاتب هذه السطور وهما «إسلاميون وديمقراطيون.. إشكاليات بناء تيار إسلامى ديمقراطى»، والكتاب الثانى هو «أزمة الإخوان المسلمين» وفى كليهما كانت مساهمة هشام الأكثر انضباطاً والأكثر نقدية لفكر الجماعة.

ولأن العيش المشترك ليس مجرد شعار إنما هو يحتاج إلى كثيرين مثل هشام جعفر ليحملوه إلى أرض الواقع، ويحولوا مبادرة الأزهر فى المواطنة والعيش المشترك إلى واقع معاش، فهشام ليس معاديا وكان يمكن أن يكون فى مساحة وسط بين أطراف صراع كثيرة فلماذا ندفعه بعيدا ونتعامل معه بكل هذه القسوة، وهو فى النهاية رجل فكر وموقف وليس رجل تحريض عنف.

أدعو فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أن يتدخل فى قضية هشام جعفر الذى كان من أوائل من تحدثوا فى قضية العيش المشترك ودافع عن الأزهر حين صمت كثيرون وهو يعرف مثل كثيرين اعتداله ووسطيته وبعده عن العنف والتحريض.

نعرف أن مصر لن تكون ديمقراطية وعادلة فى يوم وليلة، ولكنها يمكن أن تكون رشيدة وعاقلة ورحيمة وهى كلها أمور تتراجع أمامنا كل يوم، وأى بلد يرغب أن يحقق إنجازاً اقتصادياً، كبر أو صغر، يحتاج أولاً إلى دولة قانون وعدالة.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العيش المشترك العيش المشترك



GMT 20:35 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 21:22 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

GMT 17:42 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

الهدنة الحائرة

GMT 16:39 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

الهدنة المؤقتة

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الردع المتبادل

GMT 00:59 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 صوت الإمارات - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 00:55 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 صوت الإمارات - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:53 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 02:56 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أفضل مطاعم العاصمة الأردنية "عمان"

GMT 15:37 2014 الجمعة ,10 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحة "الريتو" تشهد إقبالًا شديدًا من النجمات العالميات

GMT 10:07 2012 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

"خدعنى الفيس بوك" مجموعة قصصية للكاتب أشرف فرج

GMT 15:15 2014 الجمعة ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة العيد ترجع بنا الذاكرة إلى سنوات الزمن الجميل

GMT 19:03 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

13.8 تريليون درهم تداولات «دبي للذهب والسلع» في 15 عاماً

GMT 14:48 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

كايلا موريس تستعرض جسدها بالبكيني في تينيريفي

GMT 20:45 2013 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

"سوني" تعرض أول فيديو تجريبي للعبة "DriveClub"

GMT 03:12 2015 السبت ,17 كانون الثاني / يناير

"كول أوف ديوتي" اللعبة الأكثر مبيعًا في 2014

GMT 16:14 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

هادي الجيار يجسد شخصية تاجر سلاح من مطروح في "الأب الروحي"

GMT 16:12 2015 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

"الأصفر" سيد الألوان في موضة 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates