بقلم - عمرو الشوبكي
عقب قرار الحكومة تحديد موعد إغلاق المحلات فى الخامسة ثم السادسة لأسباب لها علاقة بالسيطرة على الفيروس، اكتشف البعض أن هناك شيئًا اسمه مواعيد إغلاق المحلات، وهى بديهة كبرى غابت عن مجتمعنا لعقود.
مواعيد إغلاق المحلات التجارية بمختلف أنواعها محددة (هناك وضعية خاصة لمحلات المنتجات الغذائية) فى كل بلاد العالم الأوروبية والعربية والإفريقية إلا تقريبا مصر، التى عرفت نمطا نادرا من العشوائية والفوضى استمر معنا لعقود طويلة، وعلى طريقة رب ضارة نافعة جاءتنا فرصة تحويل الظرف الاستثنائى الذى فكرنا بمواعيد للمحلات إلى سلوك حميد دائم.
وظلت مصر من الدول النادرة فى كوكبنا التى تجد محلاتها التجارية تفتح 11 أو 12 ظهرا وتستمر حتى واحدة واثنين صباحا ولا تفهم سببا واحدا أن يعمل محل أحذية أو ملابس فى وسط البلد أو فى غيرها من المناطق حتى «أنصاص الليالى» بدون أى سبب إلا التسيب.
مازلت أذكر حين كنت طالبا للدكتوراة فى باريس فى منتصف التسعينيات وتابعت نقاشا ممتعا داخل الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) على اقتراح تقدم به بعض النواب مطالبين بفتح المحال يوم الأحد بسبب حالة الركود الاقتصادى النسبى، وكيف رد عليهم أغلب النواب والنخب السياسية وممثلى المجتمع الأهلى مدافعين عن «الترابط العائلى» وعن «لقاء الأحد» الذى يجمع الأسر والأبناء والأحفاد وكيف أن قراراً من هذا النوع سيقضى على هذا الترابط.
اللافت أن المفردات التى استخدمت فى بلد علمانى من أجل الدفاع عن قيم الترابط الأسرى «الذى لا يقدر بمال» كان مذهلا، وكيف أن كثيراً من الشعارات التى يرددها البعض عندنا عن التراحم الأسرى ينساها بالكامل فى الممارسة ولا يهتم بأى تنظيم لمواعيد عمله، ويكتفى بشكليات التدين المغشوش.
تنظيم فتح المحال التجارية وعطلة الأحد من ثوابت النظم المتقدمة، والاستثناءات هى بالنسبة لمحلات المواد الغذائية، والتى تنظمها تفاصيل ربما لا يعرفها البعض، فالسوبر ماركت الكبير (كارفور وأخواته مثلا) موجود على أطراف المدن حيث رخص الأسعار مقارنة بمحلات البقالة الموجودة فى قلب المدينة، الأول يغلق مبكرا والثانى لديه رخصة للعمل عادة حتى 2 أو 3 صباحا وأحيانا 24 ساعة.
أصحاب كثير من هذه المحلات فى فرنسا تونسيون، ومنهم صديقى «سى محمد بوسعيد» الذى توفى منذ عامين وظل مصدر تمويننا الدائم أثناء عصر «التلمذة» بأسعار مناسبة مثل السوبر ماركت وهدايا من حين لآخر لأننا من بلد عبدالناصر.
سمحت فرنسا ومعظم البلاد الأوروبية لمتاجر المواد الغذائية الصغيرة أن تستمر لأوقات متأخرة فى الليل لأنها تبيع بسعر مرتفع، وبالتالى أصبح كل من تضطره ظروفه إلى عدم الشراء من «السوبر ماركت» الأرخص يشترى من محل البقالة بسعر مرتفع.
تنظيم مواعيد إغلاق المحلات يجب أن تصبح نظاما عاما دائما فى مصر.