بقلم - عمرو الشوبكي
لماذا مساندة الأطقم الطبية هى مساندة لمصر كلها؟.. والإجابة البديهية التى سبق تكرارها، لأنهم فى هذا التوقيت أصبح منوطاً بهم حماية أرواح المصريين من خطر الفيروس القاتل، وبالتالى تصبح مساندتهم فى مطالبهم المهنية المشروعة هى حماية لكل الشعب المصرى، لأنهم لن يستطيعوا حماية الناس إلا إذا حموا أنفسهم.
والمؤكد أن هذه الإجابة صحيحة ولم يختلف عليها تقريبا الجميع، ومع ذلك تظل هناك نتائج إيجابية فى مساحة أخرى لهذه المساندة لمطالب الأطباء، ولعل أولاها يتعلق بتكريس فكرة الحوار بين الدولة والنقابات المهنية كخطوة للتواصل مع المجتمع الأهلى، وربما فى يوم قريب مع الأحزاب والقوى السياسية المدنية.
ويمكن اعتبار الاجتماع الذى ضم رئيس الوزراء ونقيب الأطباء بداية لوضع آلية حوار بين الدولة والنقابات.. صحيح أن البعض سيقول إنه لولا الجائحة لما حدث هذا الحوار، إلا أنه فى النهاية حدث، وهو يفتح الباب أمام تكريس فكرة الحوار بين الدولة وأطياف المجتمع المختلفة، وبخاصة التى لديها قاعدة اجتماعية أو فئوية، وتظل النقابات المهنية أهم فاعل فى هذا الإطار.
ورغم أن حوار الحكومة مع نقابة الأطباء جاء فى وقت أزمة ووباء، إلا أنه يمكن وصفه بـ«بشرة خير»، لأنه قد يكرس فى المستقبل أو فى مرحلة ما بعد انكسار الوباء قيمة الحوار داخل المجتمع وفضيلة النقاش العام بين أطيافه المختلفة.
أما المسألة الثانية فهى تتعلق بـ«إصلاحات الجائحة»، أى الاضطرار لوضع منظومة جديدة أكثر كفاءة لمواجهة هذا الخطر الداهم، وهو ما حدث جزئيا باختيار الدولة مستشارا صحيا للرئيس يتمتع بسمعة علمية طيبة، وتشكيل خلية أزمة مازالت تحتاج لمزيد من العناصر العلمية والسياسية والاقتصادية من خارج الجهاز التنفيذى للدولة، وتكون مهمتها بناء منظومة متكاملة أكثر تقدما مما هو موجود، وتتعامل بشكل أكثر كفاءة مع التحدى الجديد.
لقد أقامت مصر قبل انتصار 73 منظومة متكاملة عسكرية ومدنية واقتصادية وسياسية أكثر تقدما من باقى مكونات المجتمع، جعلت العبور والنصر حقيقة، فى وقتٍ كانت فيه حسابات الورقة والقلم والتقدم الصناعى والتكنولوجى والاقتصادى فى صالح إسرائيل، ومع ذلك انتصرت مصر بالإرادة والعلم ومنظومة النجاح، كما شهدنا على مستوى أصغر منظومة نجاح أخرى تشكلت أثناء مفاوضات سد النهضة التى جرت فى أمريكا، واعتمدت الدولة على عدد من الخبراء من خارج الجهاز التنفيذى، وتفوقوا بشكل ساحق على الجانب الإثيوبى، وكانوا نماذج رفيعة فى الكفاءة والمهنية.
إذا نجحت الدولة بمصر فى أن تضع منظومة متكاملة تتسم بالمهنية والكفاءة وحسن الإدارة لمواجهة كورونا، فهذا سيعنى من ناحية نجاحاً فى تقليل خسائر الوباء، ومن ناحية أخرى فتح الباب أمام تحويل منظومة النجاح إلى نمط عام متكرر يحسّن مجمل الأداء العام.