بقلم - عمرو الشوبكي
حضر الرئيس الأمريكى إلى السعودية، وتراجع عن تصريحاته السابقة عقب جريمة قتل «خاشقجى» بأن يجعل السعودية دولة «منبوذة»، وشارك فى قمة حضرها زعماء دول الخليج العربى، بجانب مصر والأردن والعراق، وخرجت بنتائج مرضية.
أول ملفات هذه القمة كان ملف الطاقة، الذى اعتبره كثيرون السبب الرئيسى وراء زيارة بايدن إلى المنطقة، أو كما وصفها موقع «بى بى سى»: «النفط يتفوق على حقوق الإنسان»، فقد طالبت الولايات المتحدة عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية بزيادة إنتاج السعودية ودول الخليج إنتاجها النفطى، فى محاولة لإيجاد بديل للنفط الروسى.
وقد استجابت السعودية لجانب من هذه المطالب، وقبلت بزيادة تدريجية فى حصتها من النفط، حيث أعلنت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) أنها ستزيد الإنتاج بمقدار 648 ألف برميل يوميًّا، وهى أقل مما تطلبه أمريكا.
وقد تزيد السعودية عقب زيارة بايدن من نسبة إنتاجها النفطى بشكل تدريجى حتى عام 2027، ولكنها لا ترغب فى أن تؤدى هذه الزيادة إلى انخفاض أسعار النفط بعد ارتفاعها مؤخرًا.
استمرار الحرب الروسية فى أوكرانيا وعدم إيجاد حل سياسى قبل الشتاء القادم من شأنه أن يُدخل الكثير من دول العالم، وخاصة فى أوروبا، فى أزمة طاقة حقيقية، فى ظل عدم قدرة دول الخليج على أن تكون بديلًا لمصادر الطاقة الروسية.
أما بالنسبة للعلاقة مع إيران، فقد اتضح أن هناك توجهًا عربيًّا وخليجيًّا واضحًا بعدم الدخول فى مواجهة مسلحة مع إيران ستدفع ثمنها دول الخليج العربى المجاورة وليس الولايات المتحدة، التى تقع على بُعد آلاف الأميال، (يُلاحَظ قيام الإمارات مؤخرًا بتعيين سفير لها فى طهران)، وفى نفس الوقت من المهم التأكيد على ضرورة جعل أى عودة محتملة للاتفاق النووى مع إيران مرتبطة بسلة متكاملة من الإجراءات تُلزم إيران بعدم التدخل فى شؤون الدول الأخرى وتحجيم نفوذ ميليشياتها، ولا تكتفى الولايات المتحدة بضمان عدم امتلاكها سلاحًا نوويًّا وفق الأولوية الإسرائيلية وتجاهل باقى المطالب.
الأذرع الإيرانية وحضور الميليشيات سُنّية أو شيعية كلها أزمات تعانى منها المنطقة، وهناك مسؤولية كبرى تقع على البلاد العربية لمواجهة هذه الظواهر دون انتظار حل من الولايات المتحدة أو غيرها.
بقى ملف القضية الفلسطينية، فقد اعتبر بايدن أنه ملتزم بحل الدولتين، ولكنه عاد وقال إنه «حل بعيد المنال». صحيح أنه على عكس ترامب، زار رام الله، واجتمع بمحمود عباس، وقدم دعمًا ماديًّا للفلسطينيين ومستشفيات القدس ومنظمة غوث اللاجئين (أونروا)، كما أكد ضرورة إيجاد حل سلمى للقضية قائم على حل الدولتين.
ومع ذلك، فإن تعامل إدارة بايدن مع القضية الفلسطينية بقى فى إطار النوايا الطيبة دون أى قدرة على وضع خطة عمل لتسوية شاملة للصراع قائمة على حل الدولتين.