بقلم - عمرو الشوبكي
فى كل مرة أذهب فيها إلى سيدى كرير فى الساحل الشمالى واضطر للخروج لزيارة أصدقاء أو أقارب فى قرية أخرى، أجد نفسى أشاهد على الطريق كثيرا مما لا يسر، وأستمع لحواديت تبدو غريبة على شريحة اجتماعية تمتلك كثيرا من المال وقليلا من العلم والتحضر واحترام القانون.والمؤكد أن الطريق الصحراوى الذى يربط القاهرة بالإسكندرية، أو طريق العالمين الذى يربط العاصمة بالساحل الشمالى، من أفضل الطرق رصفا وتخطيطا، ومع ذلك فإن بناء الطرق الجديدة يظل عملا ناقصا ما لم تضبطه قواعد قانونية ومرورية تجعل الطرق ساحة لاحترام القانون والنظام العام على الجميع.ورغم أن طريق الساحل جرى توسعته ورصفه بشكل جيد، ووضعت فيه الحارات المخططة، إلا أن ذلك لم يحل دون وجود حالة متزايدة من التسيب ورعونه القيادة لا يمكن أن تجدها فى أى مكان فى العالم، وهو ما جعلنا بكل أسف من أعلى دول العالم فى ضحايا حوادث الطرق.لم أر فى كل البلاد العربية والإفريقية التى زرتها، ولا أقول الأوروبية، سيارات تسير فى حارة أقصى اليسار بسرعة 60 كيلو مترا بدون إضاءة خلفية، أو «ميكروباص» يسير على الطريق السريع عكس الاتجاه وكأنه أمر عادى، أو «توكتوك» يسير على طريقه ويكرر فعلته، بما فيها الهند التى اخترعته، ولكنك ستجد كل ذلك فى مصر، ولا ترى أى دوريات متحركة تحاسبه وتواجه كل هذا الانفلات المرورى من أجل الحفاظ على أرواح المواطنين.والمحزن أن الدولة أقامت طريقا بطيئا موازيا لقرى الساحل الشمالى دون أن تحدد إذا كان اتجاها واحدا أو اثنين، فأصبح نموذجا غير مسبوق فى الفوضى والحوادث تتحمله الدولة التى سلمته بهذه الطريقة.مشاهد السرعة الجنونية سائدة على كل طرقنا السريعة، و«الغرز» التى يقوم بها كثير من قادة السيارات، وخاصة الشباب المرفه، مشهد رأيته يوم الخميس الماضى 6 مرات، وتكرر يوم الجمعة عدة مرات فى الطريق من سيدى كرير إلى مارينا، وهناك شاهدت كم مخالفات فى المبانى مذهلا، وعلمت أنه تم حل اتحاد الشاغلين (اتحاد الملاك)، وهو أمر غريب!.لست من سكان مارينا، ولكن تندهش أن تصبح المناطق التى تضم جانبا من النخبة الاقتصادية والسياسية فى مصر يتدهور حال البناء والنظافة واحترام القوانين فيها إلى هذه الدرجة، فى حين أن الأحياء الراقية تاريخيا فى مصر كانت نموذجا فى جمال البناء والنظافة واحترام القواعد والقوانين، وهى بذلك استحقت لقب أحياء راقية، لأنها قدمت نموذجا لباقى أحياء المدن المصرية.ما لم تع الدولة أنها تحتاج أن تنزل على أرض الواقع وتحاسب المخالفين بارتكاب جرائم مرورية، وليس فقط المحاسبة الانتقائية لمخالفة السرعة الزائدة، فإن كل الجهود التى تبذل من أجل بناء مزيد من الطرق ستفقد قيمتها.