بقلم - عمرو الشوبكي
قضية التدريب والتأهيل لا يجب أن تكون مجرد طريق لحصول شخص على وظيفة، فيتدرب ويتأهل ليحصل عليها، ثم تختفى من قاموسه المهنى.
والحقيقة أن هذه القضية تحتاج لأن تتحول إلى سياسة عامة تتبناها الدولة فى كل المجالات وخاصة فى مجال الإعلام، بالذات بعد أن اتضح مع أزمة كورونا غياب الحد الأدنى من المعرفة بطبيعة الفيروس وسبل الوقاية منه، وهو ما انعكس فى ضعف برامج التوعية الصحية التى ظهرت بشكل متكرر فى صورة إرشادات صحية أشبه بمجلات الحائط وتقوم على الوعظ ومطالبة الناس بالالتزام بالتعليمات الوقائية وارتداء الكمامة وأخذ مسافات فيما بينها، وهى فى حد ذاتها إرشادات مطلوبة ولكنها غير كافية بمفردها.
وهنا تأتى أهمية برامج التدريب والتأهيل المستمرة وخاصة لمن يعملون فى الحقل الإعلامى، لأنه فى الأوقات الاستثنائية أو الأزمات غير المتوقعة، مثل الأوبئة أو الحروب وما شابه، يحتاج الإعلام إلى فريق مهنى مؤقت من المتخصصين فى هذه الأزمة العارضة، فحين يستمع الناس فى أوقات الحروب بشكل أساسى لخبراء استراتيجيين وعسكريين (هم محور الحدث)، فإنه يؤهل المراسلين الحربيين والإعلاميين ليكونوا قادرين على طرح أسئلة فى قلب الموضوع على هؤلاء الخبراء وتقديم متابعة دقيقة، تعكس حدًا أدنى من الفهم لمسار المعارك والحروب، ولنا فى القصص الإنسانية والخبرية التى كتبها مراسل حربى بوزن الراحل جمال الغيطانى قدوة حسنة فى هذا المجال.
وقد كشفت أزمة وباء كورونا ضعف القدرة على التحرك السريع فى إعداد برامج استثنائية للتدريب والتأهيل للكوادر الإعلامية فى مصر، فالمطلوب فى هذه الحالات دعوة خبراء صحة من خارج الجهاز التنفيذى للدولة، يضعون إطارًا علميًا عامًا لوسائل الإعلام المختلفة، وخاصة المرئية، ولا مانع من إقامة دورات سريعة للإعلاميين ورؤساء تحرير البرامج ونشرات الأخبار لتوعيتهم بالحد الأدنى من المعلومات العلمية حول طبيعة الفيروس وسبل مواجهته، بحيث تصبح الرسالة الإعلامية المقدمة للناس غير بعيدة عن البديهيات العلمية المتعارف عليها.
والمؤكد أن النجاح فى التدريب والتأهيل ينعكس بشكل مباشر على قدرة الإعلام على تقديم برامج وتحقيقات لتوعية المواطنين بطبيعة الفيروس، تتجاوز طريقة كتاب «سلاح التلميذ» وثقافة التلقين التى لا تؤثر فى غالبية المشاهدين.
الإعلامى المؤهل هو القادر على محاورة خبراء الصحة المتخصصين الذين شاهدناهم فى كل قنوات العالم وفى مختلف الصحف الكبرى وغابوا تقريبًا عن الإعلام المصرى، من أجل تقديم فهم علمى لسبل الوقاية من الفيروس وتعميق التفكير العلمى، سواء بإفراد مساحة كبيرة للأبحاث التى تجرى فى المختبرات العالمية لمواجهة الفيروس بالعلم وليس بالخرافة، وذلك من خلال أطباء وخبراء صحة متخصصين.
التدريب والتأهيل فى مجال الصحافة والإعلام لم يعد قضية ترفيه، وقد كشف وباء كورونا أزمات ونقاط ضعف كثيرة مطلوب إصلاحها، وخاصة فى مجال الإعلام