صورة بوتين

صورة بوتين

صورة بوتين

 صوت الإمارات -

صورة بوتين

بقلم: عمرو الشوبكي

 

صورة بوتين فى الغرب غير الشرق، وكثير من الدراسات والتقارير الصحفية التى خرجت مؤخرًا عن صورة بوتين فى العالم العربى أشارت إلى أن هناك إعجابًا بالرجل وبصورة متحدى الغرب، وفى نفس الوقت هناك رفض لتداعيات الحرب على المدنيين وصور الضحايا والدمار الذى خلّفته.

والمؤكد أنه بعيدًا عن تقييم نظام بوتين وطبيعة الدولة الروسية، أو الموقف من ازدواجية المعايير الأمريكية، فإن كثيرين فى مصر والعالم العربى تعاطفوا مع الرئيس الروسى على اعتبار أنه «تحدى الغرب»، وهو موقف عمّقته الخبرة الاستعمارية فى دول العالم الثالث.

لقد مثّل التخلص من الاستعمار قيمة عليا آمنت بها غالبية الناس فى الشمال والجنوب والشرق والغرب، ولم تكن شعبية قادة التحرر الوطنى راجعة إلى كونهم رجالًا أقوياء يتحدون الغرب، إنما إلى كونهم حملوا قيمًا عليا ورسالة إنسانية إلى العالم فى الدفاع عن العدالة والمساواة بين شعوب الأرض، ولذا انتصروا فى ساحة السياسة والحرب والرسالة الأخلاقية، رغم فارق القوة بينهم وبين المستعمرين.

والحقيقة أن صورة بوتين كمتحدى الغرب لا تعنى فى ذاتها نجاحًا، إنما تطلب أيضًا أداء جيدًا على المستويين المهنى والسياسى، وحسابًا دقيقًا لأدوات القوة وأوراق الضغط، ولا تكتفى بالقول لقد أعلنّا الحرب وقررنا مواجهة النظام العالمى والقوى الغربية الظالمة بالشعارات أو عبر استخدام أدوات غير فعالة تؤدى حتمًا إلى خسارة المعركة.

الواضح أن حالة بوتين ليست مثل كثير من الحالات التى عرفها مؤخرًا العالم العربى، وخاصة تجربة صدام حسين فى غزو الكويت، فالرجل أقام حسابات استراتيجية دقيقة، وحدد أهدافه التى تمثلت مؤخرًا فى السيطرة على مدن الشرق الأوكرانى، ثم على الأرجح ضمها باستفتاء إلى الاتحاد الروسى لأن أغلب سكانها مرتبطون لغويًّا وثقافيًّا بروسيا.

يقينًا الصورة الإيجابية لبوتين فى كثير من دول العالم ترجع أساسًا إلى صورة متحدى الغرب والنظام العالمى «الظالم» وازدواجية المعايير، والحفاظ عليها متوقف على إنهاء الحرب فى أقرب فرصة ونجاة بوتين واقتصاده من العقوبات الاقتصادية الغربية.

تحدِّى بوتين للغرب صورة تثير إعجاب البعض، حتى لو فى معركة تخص بلاده وأمنه القومى، والاعتراض على أسلوب الغزو العسكرى لا يمنع تحليل أدوات قوته، وهى كثيرة، والتى غالبًا ستسمح له بربح معركته.

نجاح روسيا ليس انتصارًا أخلاقيًّا، ولا يعنى أن هذا الأسلوب بغزو دولة ذات سيادة يجب قبوله أو اعتماده، إنما يعنى أن الرئيس الروسى حسب حساباته بشكل جيد، واختار أداة عسكرية لتحقيق أهدافه، فى بلد يقع على حدوده، ومنقسم عرقيًّا وسياسيًّا بين مؤيد ومعارض لروسيا، وأن صورة متحدى الغرب التى أيدها الكثيرون فى العالم العربى لا تبنى فى ذاتها نصرًا ولا تؤسس لقيمة عليا ما لم تمتلك رسالة عادلة وأدوات قوة ناجحة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صورة بوتين صورة بوتين



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates