الرد المسيحى

الرد المسيحى

الرد المسيحى

 صوت الإمارات -

الرد المسيحى

بقلم : عمرو الشوبكي

رد الأقباط على استهدافهم المتكرر ظل سلمياً، وحمل حزناً وألماً مكتوماً وأحياناً صريحاً، وظل كثيرون غير مستوعبين لأسباب هذا الإرهاب، الذى يستهدف أبناء دين سماوى ضارب فى جذور الوطن، وعلاقتهم مع المسلمين منذ تأسيس الدولة الوطنية الحديثة ظلت علاقة شراكة، حتى لو شابها أحيانا بعض التوتر والتباينات، إلا أنه حين اختُبرت وطنية المسيحيين فى الأحداث الكبرى منذ ثورة 1919 حتى الآن فإنها كانت فى كل مرة مع الوطن شعباً ودولة.

الاستهداف المتكرر للمسيحيين خلق ردود فعل مختلفة داخل الأوساط القبطية، ولكن كل ردود الفعل هذه كانت سلمية، وهو أمر يحتاج كثير من المسلمين لتأمله، رغم فداحة المصاب، فهناك 75 شهيدا مسيحيا فى 4 أشهر، أى منذ اعتداء الكاتدرائية فى شهر ديسمبر الماضى، مروراً باعتداءات العريش، ثم أخيراً باعتداءى طنطا والإسكندرية.

صحيح أن بين المسيحيين متعصبين، ولكن ليس بينهم أعضاء فى تنظيم إرهابى ولم يقتلوا ولم يفجروا ولم يذبحوا ولم يُنشئ، ولو قلة منهم، تنظيماً لاغتيال قادة التيارات الإسلامية، وحتى مظاهرات التنفيس السلمية لم ترحب بها الكنيسة، ومنعتها الأجهزة الأمنية.

الإطار السلمى لكل ردود الفعل المسيحية على الجرائم الإرهابية مؤكد، إلا أنها اختلفت بصورة كبيرة فى تحديد مسؤولية هذه الجرائم، فقد حمَّل تيار واسع (ومتزايد) الإسلام مسؤولية ما جرى، وهو فى النهاية الخطاب غير الرسمى، الذى لا تراه فى وسائل الإعلام، إنما على مواقع التواصل الاجتماعى وفى الجلسات الخاصة، وهناك البعض الآخر الذى حمَّل الدولة والنظام السياسى المسؤولية، واتهمها تارة بالتقصير الأمنى وتارة أخرى بدعم الشيوخ المتشددين، وقليل منهم حاول أن يتقبل فكرة وجود أسباب غير دينية للإرهاب، أو بمعنى أدق يتفاعل بصورة أكبر مع تيار واسع فى الكتابات الاجتماعية داخل مصر وخارجها، يعتبر أن الدافع الأول نحو الإرهاب لا يرجع أولاً إلى الإيمان بنصوص دينية تحرض على العنف ولا مناهج الأزهر «المغضوب عليها وعليه»، إنما إلى واقع اجتماعى وسياسى مُحبِط ورغبة عميقة فى الانتقام والثأر من النظام الحاكم وحلفائه من المسيحيين مثلما يروج الدواعش وأنصارهم، ثم يأتى بعد ذلك (ثانياً) دور النص الدينى مبرراً للعنف لا صانعاً له، لأن الأخير صنعه فى الأساس الواقع السياسى والاجتماعى والثقافى المحيط.

ومع ذلك، فإن السجال حول الدين والإسلام تزايد فى الفترة الأخيرة، وهو أمر ليس فى صالح العلاقات الإسلامية المسيحية ولا فى صالح مستقبل هذا البلد، خاصة فى ظل تحويل الدولة وإعلامها الرسمى وبصورة ممنهجة أى نقاش عن الأسباب الاجتماعية والسياسية للإرهاب إلى حديث دينى يتعلق بالفهم الخاطئ للإسلام والمناهج الدينية ومسؤولية الأزهر، وهو بالتأكيد جانب من المشكلة، ولكنه ليس الوحيد، وربما ليس الأساسى.

وفى ظل تدين الغالبية العظمى من الأقباط، أصبح لدى قطاع واسع منهم شعور بأن مشكلتهم مع الإسلام، وأن هناك بعض النصوص الإسلامية تحرض على قتلهم، خاصة فى ظل تصاعد خطاب إسلامى محافظ بالحد الأدنى ومتعصب بالحد الأقصى (إذا استبعدنا الاستثناء المؤذى المتعلق بممارسة العنف والإرهاب)، فأصبحنا فى وضع مقلق وسجال فى الاتجاه الخطأ.

النصوص الدينية خالدة، وستبقى معنا حتى يوم الساعة، ولا توجد نصوص فى أى دين سماوى أو غير سماوى تحرض على العنف، وعلى رأسها الإسلام، والمطلوب أن يفكر الجميع فى أسباب اختيار البعض فى مراحل تاريخية معينة تفسيرات متعصبة أو تكفيرية تدفعهم إلى الموت والانتحار، فالمعضلة لم تكن فى النصوص، إنما فى واقع مرير يدفعهم نحو هذه التفسيرات.

المصدر : صحيفة الأهرام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرد المسيحى الرد المسيحى



GMT 20:35 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 21:22 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

GMT 17:42 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

الهدنة الحائرة

GMT 16:39 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

الهدنة المؤقتة

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الردع المتبادل

GMT 02:36 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 صوت الإمارات - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 09:15 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 19:12 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 20:20 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 11:21 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 10:58 2012 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"البرلمان الأوروبي" يمنع قطع زعانف سمك القرش في البحر

GMT 13:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن راشد يهنئ المواطنين هاتفيًا بـ"اليوم الوطني"

GMT 15:55 2017 الخميس ,15 حزيران / يونيو

منزل غريب في نيوزيلندا يصلح للشخصيات الخيالية

GMT 19:23 2017 الأحد ,06 آب / أغسطس

خالد باوزير يعود إلى تدريبات الوحدة

GMT 12:20 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

التليفزيون المصرى يعرض أول مسلسل صيني في الشرق الأوسط

GMT 21:50 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد للطيران تعلق رحلات أبوظبي " دالاس فورت وورث " في 2018

GMT 07:01 2017 الخميس ,07 أيلول / سبتمبر

شركة يابانية تكشف عن أسرع سيارة في العالم

GMT 22:12 2021 الأحد ,10 تشرين الأول / أكتوبر

وضعيات "يوغا" تقلل من تساقط الشعر

GMT 08:44 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

فساتين راقية بلمسات شرقية لها سحرها الخاص

GMT 03:44 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نسخة مسرحية من «عائلة آدم» في «أميركية الشارقة»

GMT 09:38 2019 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

هيفاء وهبي تعلن الاعتزال الفني بشكل مؤقت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates