فى مسألة الإصلاح الدينى

فى مسألة الإصلاح الدينى

فى مسألة الإصلاح الدينى

 صوت الإمارات -

فى مسألة الإصلاح الدينى

بقلم : عمرو الشوبكي

تلقيت رسالة من الأستاذ المهندس حازم راضى تعليقا على مقال الخميس الماضى «من يفسر النصوص الدينية» جاء فيها:

الدكتور المحترم/ عمرو الشوبكى..

قرأت مقالكم «من يفسر النصوص الدينية»، واسمح لى بأن أقول لك إن مقالك أثار سؤالا لم يجد المسلمون خاصة، والناس عامة، إجابة عنه، وهو: ما علاقة الدين بالحياة العامة والخاصة للإنسان؟ بالنسبة لأوروبا والعالم الغربى فقد تمت الإجابة عن هذا السؤال بعد قرون من الظلام واستعباد الكنيسة وحروب أهلية باسم الدين إلى أن ظهرت الدعوة إلى فصل الدين عن الحياة العامة وعن السياسة بوجه خاص، وأصبح الدين شأنا خاصا بالإنسان تحميه الدولة وتحترمه ولكن فى العالم الإسلامى الأمر مختلف.

فى أفكار الفلاسفة الإسلاميين القدامى مثل ابن رشد والجاحظ وابن سينا وغيرهم وأفكار المعتزلة ستجد أن الإجابة واضحة وسهلة عن هذا السؤال، وستجد صدى كبيرا لأفكارهم فى كتابات المفكرين المعاصرين مثل عبدالوهاب المسيرى فى كتابه الذى أعتبره أفضل ما كُتب فى العلمانية: «العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة»، وآخرين مثل على عبدالرازق والفيلسوف المصرى العبقرى زكى نجيب محمود وغيرهم من الذين تم وأد أفكارهم ودفنها فى المكتبات أو تم سجنهم وتكفيرهم ونفيهم خارج البلاد.

الحقيقة لو جمعت هذه الأفكار معا ستجد أن الفكرة الأساسية التى يدورون حولها هى واحدة أنه لا يوجد وسيط بين القرآن الكريم والبشر، وأن الله تعالى أنزل القرآن الكريم كتابا مفصلا شارحا لنفسه دون تدخل من بشر ولكن المشكلة أن شياطين الإنس والجن أبوا إلا أن يحرفوا النصوص عن معانيها وتم وضع أحاديث بشرية تعارض لفظ ومعنى آيات الله. وتخالف كل عقل ومنطق، ولم تتم الاستعانة بهذه الأحاديث فقط لتفسير القرآن الكريم، بل تم تقديمها على آيات الله وظهرت مقولات مثل النسخ وأسباب النزول وعدول الصحابة وخير القرون إلى آخر المقولات التى تمنع وترهب الإنسان من تدبر آيات الله بدون الاستعانة بالأحاديث أو التفاسير البشرية وهنا ظهرت التفاسير المنحرفة التى تدعو إلى القتال والكره والبغض والإيذاء.

سيدى الفاضل إن الإجابة عن سؤالك عن عدم ظهور القاعدة أو داعش فى ثلاثينيات القرن الماضى..هو أن هذا الفكر كان موجودا ولكنه لم يكن ظاهرا ولكن أود أن أشير إلى ظهور إرهاصات هذا الفكر فى تكفير طه حسين بعد كتابه «فى الشعر الجاهلى»، وظهور كتاب مثل أحمد لطفى السيد «الديمقراطى» وقاسم أمين «الملحد» وهدى شعراوى «السافرة السافلة» وكلها اتهامات جاءت من أناس معتنقين للفكر السلفى الذى يمجد ويقدس التفسيرات البشرية للقرآن.

إننى بالطبع أتفق معك على أن وجود أمراض مجتمعية مثل الجهل والفقر والمظالم السياسية والتعصب المذهبى والاستبداد تجعل أى مجتمع تربة خصبة لنمو هذه الأفكار وإنتاج المزيد من المكفرين وليس المفكرين.

ربما تكون هذه البيئة الخصبة لم تكن موجودة فى بعض العصور التى أفرزت مشروعا سياسيا أو اجتماعيا قويا وحد الناس تحت رايته مثل المشروعات النهضوية فى عصور الملكية أو فى عهد عبدالناصر أو حرب السادس من أكتوبر، لكننى هنا أناقش نقطة محددة. وهى الإصلاح الدينى الذى لن يتم إلا بإصلاح الأزهر الذى نريده منارة للفكر العقلانى المعتدل للدين الإسلامى الحق الذى أنزله الله فى قرآنه الكريم.

إننى أختلف تماما مع من يريدون هدم الأزهر، فالبديل معروف وهو إصلاح الفكر الأزهرى وتنقيته من الفكر السلفى المتجمد، وأن يكون منارة حقيقية للعقل لا اجترارا لنصوص قديمة منافية للعقل وللإنسان، نريد للأزهر ألا يطرد مفكريه، وما أكثرهم، نريد للأزهر ألا يرفع دعاوى حسبة على من يخالفونه فى الفكر، نريد للأزهر أن يقول رأيه فى النصوص «المقدسة» وأعنى بها الأحاديث المكذوبة التى تدلست على القرآن بالقتل والعنف والتدخل فى حياة البشر الخاصة والعامة، وأن يدعو حقا للأخلاق والمواطنة بين المصريين جميعا دون تفرقة، نريد للأزهر أن ينصلح لا أن ينهدم.

أرجو ألا أكون قد أطلت عليك ولك منى جزيل الشكر والعرفان.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى مسألة الإصلاح الدينى فى مسألة الإصلاح الدينى



GMT 20:35 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 21:22 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

GMT 17:42 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

الهدنة الحائرة

GMT 16:39 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

الهدنة المؤقتة

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الردع المتبادل

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:59 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"حقيبة الأبط" تتربع على عرش موضة خريف وشتاء 2018

GMT 01:19 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رشاد ومي حلمي يتفقان على إتمام حفل الزفاف

GMT 20:07 2015 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

شركة "سامسونغ" تطلق غالاكسي في بلس" في ماليزيا

GMT 15:47 2014 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

شركة Xolo تطلق هاتفها الذكي متوسط المواصفات Opus 3

GMT 18:19 2013 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

ترجمة لکتاب صید الخروف البري لهاروکي موراکامي

GMT 10:07 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

استبعاد ياسمين صبري من مسلسل ظافر العابدين

GMT 12:50 2013 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

إعادة طبع رواية "التراس" في حلة جديدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates