ترامب ومحاربة الإرهاب

ترامب ومحاربة الإرهاب

ترامب ومحاربة الإرهاب

 صوت الإمارات -

ترامب ومحاربة الإرهاب

بقلم : عمرو الشوبكي

تحدث الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى خطابه الأخير بالعاصمة السعودية الرياض، عن بعض ملامح خطته فى محارية الإرهاب، وأكد، فى جانب من خطابة، بديهيات معروفة، وفى جانب آخر عرض تصورات مقبولة فى حين تجاهل جوانب أخرى ثالثة تعد من الشروط الأساسية لمحاربة الإرهاب.

فقد تحدث الرئيس الأمريكى عن مسؤولية إيران فى تمويل الإرهاب وتسليحه وزعزعة الاستقرار فى المنطقة، كما طالب وهو رئيس أكبر دولة بضرورة قطع مصادر تمويل المنظمات الإرهابية، وهو طلب يتحمل مسؤوليته الجميع، خاصة الدول الكبرى. كما طالب الرجل بطرد الإرهابيين من المنطقة، وأكد فى النهاية أن محاربة الإرهاب مسؤولية العالم الإسلامى (الذى أكثر من 90% من ضحاياه مسلمون)، وأن أمريكا ستساعد فى هذا المجال، ووعد فى النهاية أمام زعماء 55 دولة عربية وإسلامية أنه سيقضى على التطرف تماما وينشر السلام والأمن والازدهار فى المنطقة وبقية أنحاء العالم.

والمؤكد أن المدخل الأمنى والعسكرى فى محاربة الإرهاب مهم، ولكنه ليس المدخل الوحيد ولا الرئيسى، فيقينا الإرهابيون الذين يحملون السلاح لا أحد يتصور أن محاربتهم ستكون بالكلمة الطيبة، إنما ستكون أيضا بالسلاح، إلا أن المعضلة ليست أساسا مع التنظيمات الإرهابية المتراجعة فى العراق وسوريا، إنما فى البيئة الحاضنة القادرة على إعادة فرز هذه التنظيمات.

فالانتصارات الصعبة التى يحققها الجيش العراقى فى الموصل وقرب انتهاء معركته مع تنظيم داعش وتحرير المدينة بالكامل، تطرح سؤال ما بعد داعش أو ما بعد تحرير الموصول، وهو سؤال تطرحه كثير من مراكز الأبحاث الأمريكية نفسها، وتعتبر أن الوضع سيظل خطرا (وأحيانا تقول أكثر خطورة) فى العراق وفى المنطقة، حتى بعد القضاء على بنية التنظيم وتحرير الأراضى التى سيطر عليها، لأن من سيتبقى من عناصر داعش سيتحول إلى العنف الفردى، وسيستمر «نموذج داعش» قابلا للتكرار فى أى بيئة حاضنة تعانى من مظلومية سياسية وتهميش اقتصادى واضطهاد مذهبى وطائفى.

والحقيقة أن أزمة خطاب ترامب هى أنه لم يشر لمشكلة سياسية واحدة فى المنطقة، وتجاهل مسؤولية المجتمع الدولى الذى تقوده أمريكا (مثلما اعتاد أن يفعل الحكام العرب فى تجاهل مسؤوليتهم السياسية عن تصاعد الإرهاب)، منذ الغزو الأمريكى للعراق، وفى سوريا بسبب التساهل مع جرائم نظام الأسد والتواطؤ مع جرائم التنظيمات الإرهابية التى دعمتها دول ترعاها أمريكا مثل قطر.

لقد حمل ترامب العرب المسؤولية الأولى فى مكافحة الإرهاب بما يعنى ضمنا أنهم المسؤولون الأوائل عن وجوده، فى حين ركز خطاب الزعماء العرب إجمالا على محاربة الجوانب الفكرية (المتراجعة) للظاهرة الإرهابية، وتصحيح المفاهيم الدينية وغيرها من القضايا التى لم تعد تشكل العامل الرئيسى وراء ظاهرة الإرهاب الجديد.

فالعوامل السياسية التى صارت تمثل السبب الرئيسى وراء الإرهاب تجاهلها بالكامل ترامب إلا فيما يخص معركته مع إيران (لحساب إسرائيل)، فى حين غاب الحديث العربى عن المظالم السياسية والاجتماعية التى تقف وراء تصاعد ظاهرة الإرهاب لصالح التركيز على تدخلات إيران فى المنطقة ورعايتها لتنظيمات إرهابية.

سيبقى الانتصار العربى على الإرهاب رهن امتلاك القدرة على النقد الذاتى ومعرفة مسؤولية كثير من النظم القائمة عن خلق بيئة خصبة لانتشار الإرهاب، وضرورة العمل على وضع استراتيجية سياسية واجتماعية وأمنية لمحاربه الإرهاب، لا اختزال الأمر فى حلول عسكرية تكلف الدول العربية، وعلى رأسها السعودية، أكثر من مائة مليار دولار، ونتجاهل باقى الجوانب لأنها تخص أداء النظم العربية وطريقة حكمها.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب ومحاربة الإرهاب ترامب ومحاربة الإرهاب



GMT 20:35 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 21:22 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

GMT 17:42 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

الهدنة الحائرة

GMT 16:39 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

الهدنة المؤقتة

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الردع المتبادل

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates