فى صالون السعدنى 24

فى صالون السعدنى (2/4)

فى صالون السعدنى (2/4)

 صوت الإمارات -

فى صالون السعدنى 24

بقلم - مصطفي الفقي

أثبتت لى شخصية الأستاذ محمود السعدنى دائمًا أن التحصيل الثقافى والرصيد المعرفى إنما يتكون من تراكم الخبرات والانصهار فى تجارب الحياة المختلفة، فلقد كان السعدنى يضحك ساخرًا، ويقول إنه جرى اعتقاله فى كل العصور، وسأل مَن الذى يأمر بالاعتقال، فعرف أنه دائمًا وزير الداخلية، ومن هنا قرر أن يصادقه، وكانت النتيجة أن جرى حبس السعدنى مرة أخرى فى نفس العنبر بالسجن مع وزير الداخلية ذاته، ونقصد به الوزير الراحل شعراوى جمعة، الذى جرى اعتقاله فى قضية مراكز القوى، حيث جرى حبس عدد من الرموز الناصرية واليسارية بحركة مفاجئة وذكية من جانب الرئيس الراحل أنور السادات، وكأنها محاكاة لمذبحة القلعة ولكن دون إراقة دماء، وقد أدى الحدثان إلى تمكين الحاكم من الانفراد بالسلطة سواء كان هو محمد على الكبير أو أنور السادات، أحد الأصدقاء التاريخيين لمحمود السعدنى.

وقد روى لى الكاتب الراحل أن مجموعة من الصحفيين كانوا يرافقون السيد أنور السادات فى رحلة عمل بالإسكندرية، وبدأ بعضهم فى تجرع أقداح البيرة، فوشى بهم أحد زملائهم للسيد أنور السادات، وحينها قام السعدنى بتأديب ذلك الواشى ضربًا، فلما اشتكى الصحفى المضروب للسادات قرر الأخير فصل محمود السعدنى من عمله فى المؤسسة الصحفية التى كان يعمل بها، وذلك رغم الصلة الوثيقة والصداقة القوية التى كانت تربط السادات بالسعدنى.

وفى مرة أخرى عندما كان فى حملة كبيرة لتسليح الجيش المصرى وقف الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قائلًا إن أمير الكويت قد تبرع للمجهود العسكرى المصرى بعشرة آلاف جنيه، فبكم أتبرع أنا كرئيس لمصر؟، فخرج السعدنى من بين صفوف الصحفيين الموجودين، وقال لعبدالناصر: أنت تتبرع بقرش تعريفة فقط، ويقصد بذلك أن القرش الواحد من عبدالناصر يساوى كل ما يدفعه الآخرون، فهو القائد والزعيم، ولكن السعدنى لم يشعر إلا وقد التقطه بعض رجال أشداء، وحملوه إلى سيارة الشرطة، ومكث فى السجن عدة أيام. وفى مرة أخرى كتب السعدنى مقالاً ساخرًا عن فريد الأطرش وطريقة غنائه، فلجأ الفنان العربى الكبير إلى القضاء، معتبرًا أن ما قاله السعدنى عنه هو سب وقذف فى حقه، فقضت المحكمة أيضًا بحبس السعدنى عدة أسابيع، وهكذا كان الرجل دائمًا هو المشاغب الكبير والمثقف الفنان على الساحة المصرية.

وقد تضمنت تسجيلات المباحث العامة شرائط للسعدنى يقول فيها لأمين الاتحاد الاشتراكى بالجيزة، الراحل فريد عبدالكريم، عن السادات، فى الشهور الأولى لحكمه: لقد احترنا نحن المصريين، فعبدالناصر أماتنا من الخوف، والسادات يُميتنا الآن من الضحك!، وقد قال لى السعدنى، رحمه الله، إن أعضاء هيئة المحكمة عندما أُذيع ذلك الشريط فى جلسة التحقيق ضجُّوا بالضحك أيضًا، وأوقفوا الجلسة لفترة استراحة، وهو أيضًا محمود السعدنى الذى توسط له الراحل المهندس عثمان أحمد عثمان، وقد كان صديقًا له- من إقامته بمدينة الإسماعيلية- لدى الرئيس السادات ليعود السعدنى إلى وطنه بعد أن سافر إلى العراق فور انتهاء فترة اعتقاله فى القضية الكبرى الخاصة بمراكز القوى، ويقول السعدنى إنه جرى ترتيب لقائه بالرئيس الراحل السادات فى مدينة الكويت أثناء زيارة السادات لها، وعندما دخل السعدنى على السادات صاح السعدنى بصوت مرتفع: (والله يا سيادة الريس لن تقوم واقفًا لاستقبالى، فليس بيننا تكليف)، وضج الرئيس السادات بالضحك، وذابت الكثير من الرواسب بين الرجلين، وقال له السادات: إنك لم تقف معى فى المعركة يا محمود، فقال له السعدنى: وهل كانت هناك معركة؟!، إن ما حدث أننى قلت كلمتين وجرى حبسى سنتين، قُضى الأمر وانتهت المسألة، فقال له السادات: يا محمود لابد أن تعود إلى مصر وتزور والدتك، فرد عليه: وإذا تلقفنى حبايبنا الحلوين فى المطار؟، فلن أرى أمى ولكنى سأرى السجن مرة ثانية، فوعده السادات خيرًا وانتهت الأزمة إلى أن عاد السعدنى إلى لندن وأصدر صحيفة 23 يوليو مع بعض الأصدقاء من بقايا العصر الناصرى، وانتهت قضية ثورة مصر التى قادها محمود نورالدين، رحمه الله، والذى كان السعدنى يختلف معه كثيرًا فى الأسلوب وطريقة التفكير والتعاطى مع الأحداث.. رحمهما الله، وللحديث بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى صالون السعدنى 24 فى صالون السعدنى 24



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates