رواية «جحر السبع» 22

رواية «جحر السبع» (2-2)

رواية «جحر السبع» (2-2)

 صوت الإمارات -

رواية «جحر السبع» 22

عمار علي حسن

مع دخوله إلى دنيا مختلفة على عتبات المراهقة تظهر فى حياة «يوسف»، بطل رواية «جحر السبع» للكاتب الشاب سامح فايز، شخصيات متتابعة سواء فى قريته «جحر السبع» أو فى مدينة «القاهرة»، مثل «إبراهيم» صبى الورشة الذى يدخن الحشيش، و«ياسر» الذى «فى لحظة تظنه شيخاً جليلاً وفى لحظات يتحول لراهب فى بحر اللذة»، و«أحمد جمال» المولع بالنقاش حول وجود الله وخلق الكون والإنسان. ومع هؤلاء تتوالى الفتيات، الصغيرة التى عرف معها أول طعم للقبلات، وابنة البواب فى حى الزمالك التى أدركته معها لوعة الغرام، ثم نساء تعرّف عليهن عبر مواقع التواصل الاجتماعى فعرف معهن تجارب جنسية، ثم نساء وفتيات أخريات عرفهن أصحابه وتكفّل هو بسرد تجاربهن معهم، أو قصوا هم عليه كل شىء بلا رتوش.

ويظن يوسف أنه تحرر من القيود التى كان يمثلها التدين والتقاليد والتربية الصارمة، لكنه لم يلبث أن يدرك أنه لم ينتقل من الإكراه إلى الحرية الحقيقية، إنما إلى التفلت والضياع أو التمرد السلبى، وهو ما يبوح به قائلاً: «خرجت من أسوار الجماعة الدينية لأجد نفسى داخل أسوار أسوأ، هل تلك هى الحرية التى بحثت عنها؟ الآن أعيش حياتى كما أحب. كنت أظن أننى عندما أكفر بهم سأصير نفسى، إلا أننى خرجت من دائرة لدائرة، كنت أظن أن رحلة الخروج قد انتهت بكفرى بهم، إلا أننى وجدت نفسى أمر برحلة أخرى، تملأها عبثية تلك المسرحية التى أحياها».

وكأن الكاتب هنا يريد أن يقول إن التشدد هو الوجه الآخر للتفلت، أو إن التدين الشكلى والمغلوط أو المفروض والقسرى ليس سبيلاً للخلاص، وليس طريقاً آمناً لطمأنينة النفس، ولا إطاراً متماسكاً للإجابة عن الأسئلة الوجودية والأساسية التى تقابل الفرد وهو ينمو وجدانياً وعقلياً، كما يريد أن يقول أيضاً إن الطفولة يجب أن تعاش كما تطلب، وليس وفق مشيئة آباء وأمهات أو ظروف قاسية تريد أن تخلق من أولادهم الصغار رجالاً قبل الأوان.

وبطل الرواية الذى لم يتوقف فى أى لحظة ليمعن النظر فى حاليه المتقلبين المتناقضين، وجد نفسه فى النهاية «نصف شيخ ونصف ملحد، يعرف القليل عن أهل الله، ويعرف الأقل عن أعدائه» إلى أن سقطت بعض أوهامه حين وجد من بين المثقفين والأدباء الذين تطلّع إلى أن يكون بالقرب منهم مواظبين على الصلاة ومؤمنين بوجود الله وحريصين على التفرقة التامة بين أفكار المتطرفين وخطابهم وبين الإسلام. لكن الرواية تنتهى من دون أن تذهب أوجاع بطلها وتناقضاته وحيرته، بل يجد نفسه أمام مصاب جلل حين يعود إلى قريته فيجد أمه تحتضر، لتطوى معها ما تبقى له فى الحياة من عطف وحنان.

وبعبارة الختام نجد أنفسنا أمام نص متناثر عفوى يعانى من حمولات ثقيلة للواقع عليه، بل يُستلب حياله، ويدور بالأساس حول تجربة ذاتية أو خبرة شخصية، ليصلح فى النهاية أن يكون إجابة على سؤال يقول: لماذا اختار المؤلف أن يدخل عالم الساردين؟ وما الخطوات التى قطعها إليهم؟ وهى مسألة كانت ظاهرة من عمله الأول الذى إن لم يكن نصاً أدبياً فإنه انتهج الحكى وسيلة للبرهان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية «جحر السبع» 22 رواية «جحر السبع» 22



GMT 21:52 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

GMT 21:51 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

نموذج ماكينلي

GMT 21:51 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 21:49 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 21:48 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 21:48 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

اللبنانيون واستقبال الجديد

GMT 21:47 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

لا لتعريب الطب

GMT 21:46 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 02:38 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

باكستان من بين أسوأ عشر دول من حيث حرية "الإنترنت"

GMT 19:35 2013 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مطعم سياحي مفتوح للجمهور في أحد سجون لندن

GMT 09:53 2018 الأحد ,05 آب / أغسطس

ترجمة وتعريب 1000 درس في "تحدي الترجمة"

GMT 18:11 2015 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

طقس الأردن لطيف الأربعاء وغائم الخميس والجمعة

GMT 06:01 2015 الإثنين ,19 كانون الثاني / يناير

الهند تبني منشآت للطاقة الشمسية فوق القنوات للاقتصاد

GMT 18:53 2016 الإثنين ,11 إبريل / نيسان

تسريب أول صورة لهاتف "نوكيا" بنظام أندرويد

GMT 23:29 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "واتساب" تطرح إصدارًا جديدًا بميزات إضافية جديدة

GMT 19:25 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

سيدة تخون شقيقتها مع زوجها في منطقة سيدي إيفني
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates