نفط ليبيا ودوره في إدارة الصراع

نفط ليبيا ودوره في إدارة الصراع

نفط ليبيا ودوره في إدارة الصراع

 صوت الإمارات -

نفط ليبيا ودوره في إدارة الصراع

عمار علي حسن
بقلم - عمار علي حسن

لا يمكن فصل الصراع الدائر في ليبيا حاليًا، وما سيطرأ عليه مستقبلًا، عما يشكله النفط الليبي من أسباب للقتال، وما يلعبه من دور، سواء في ترجيح كفة أي من الفريقين المتقاتلين، أو تحديد مستوى التدخل الدولي، خصوصًا التركي والأوروبي؛ نظرا لأن الجزء الأكبر من هذا النفط كان يذهب إلى دول معينة في القارة العجوز، ولا يزال، بينما تتلهف أنقرة بالقطع إلى الثروة النفطية الليبية، ناهيك عن غاز البحر المتوسط.

فابتداء فإن من يسيطر على آبار النفط ومصافي تكريرها ستكون له اليد الطولى، ليس لحيازته مصدرًا مهمًا، بل أساسيًا وربما وحيدًا، للثروة في البلاد، ما يؤهله لتعبئة موارد الحرب من سلاح وتجنيد وإنفاق على تنمية تخلق له ولاءات اجتماعية، إنما أيضًا، لأنه الطرف الذي سيتحدث معه الخارج بجدية؛ لأن في يده المصالح والمنافع، التي دونها لن يهتم العالم بليبيا كثيرًا.

ربما يكون هذا كلاما ثابتا أو راسخا من قبيل المسلمات، فما الداعي لطرحه الآن والاعتقاد أن به جديدا قابلا للتناول والتداول؟، إن الإجابة التي تقفز إلى الذهن على الفور هي أن النفط بات على خط النار، أو في المساحة الفاصلة بين الفريقين المتصارعين، الأول وهو الجيش الليبي الذي يقوده خليفة حفتر يضع يده عليه، والثاني هو المجموعات التابعة لحكومة الوفاق، يمد عينيه إليه، وهنا ترى هذه المجموعات أنها دونه تكون قد خسرت ما يمكنها من الهيمنة على كامل تراب ليبيا، وتحصيل حيثية دولية أكبر، وهو ما تسعى إليه بالفعل.

ولأن الأمر على هذا النحو فليس من المتوقع أن يبقى الطرفان يقفان عند حدودهما الراهنة، ويحافظان على خط تماس بارد، لا سيما لدى حكومة الوفاق وأتباعها، حيث ترى أنها بلا نفط، تخسر ما يجلب لها الاهتمام، بينما تحصيله يحقق لها هذا، ويحرم غريمها أو عدوها من ركيزة أساسية للقوة.

من هنا يصبح استئناف القتال في ليبيا مسألة بدهية، إن لم يحدث ردعا متبادلا تلعب فيه أطراف إقليمية ودولية دورا مهما، وتثبت أركانه قوى دولية، تجد أن بقاء الحال على ما هو عليه أفضل كي تحصل على النفط في يسر، على العكس من وقوعه في يد تنظيمات قد تتقاتل عليه بعد، على غرار ما جرى في تجارب أخرى، ويمكن أن يؤدي قتالها إلى حرقه أو تدمير آباره، مثلما سبق أن فعلت تنظيمات متطرفة مماثلة.

ومن الجائز أن ترى هذه القوى العكس تمامًا، إذ أن لها تجربة مع ما تسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام -داعش-، الذي استولى على جزء من نفط العراق وسوريا، وراح يبيعه بثمن بخس في سوق الطاقة الدولية، ووجد من يسهل له هذا تحقيقًا لمنفعته المباشرة، ودون أدنى اعتبار لسرقة مورد من دولتين، أو مساعدة تنظيمًا إرهابيًا على تحقيق أهدافه.

لهذا يبقى النفط حاسمًا في الصراع الليبي، سواء كان سببًا لصدام حتمي، أو لعمل بعض الأطراف على الحيلولة دون وجود حكومة مركزية مسيطرة في البلاد، وأقصد هنا بعض التنظيمات التي استولت على آبار نفط، وراحت تبيع إنتاجها لحسابها الخاص، أو بمعنى أدق، لحساب زعمائها، دون أدنى اعتبار لمصلحة الشعب الليبي.

إن النفط كما كان سببًا في ترسيخ الديكتاتورية في ليبيا طوال اثنين وأربعين عامًا، من خلال استخدام عوائده في تعزيز سلطة القذافي القابضة والقاسية، فإنه يعود ويلعب الآن الدور الأكبر في تغذية الصراع المسلح، وفي الوقت نفسه يسهم في إماطة اللثام عن طبيعة هذا الصراع وحقيقة أهدافه، التي قد لا تكون تحصيل دولة مدنية أو إعادة بناء النظام السابق ولا نصرة مزعومة للإسلام في وجه علمانية مفترضة أو متصورة، ولا محاولة لوأد القديم لحساب جديد في السياسة والمجتمع، إنما تكالب على منفعة مادية مباشرة يمثلها النفط في ليبيا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نفط ليبيا ودوره في إدارة الصراع نفط ليبيا ودوره في إدارة الصراع



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين
 صوت الإمارات - العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates