جيش صدام أم العراق

جيش صدام... أم العراق؟

جيش صدام... أم العراق؟

 صوت الإمارات -

جيش صدام أم العراق

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

اُستفِز الرجل لمجرد القول «جيش صدام حسين»، فبادر يرد زاعماً أنني أستكثر أن أنسب الجيش إلى العراق. حصل هذا أثناء نقاش، الأحد الماضي، عندما أشرت إلى أن النهار يصادف مرور ثلاثين عاماً على غزو الكويت. أعود، لاحقاً، لما يحمل رد الفعل المُشار إليه من المعاني. السؤال الأجدر أن أبدأ به المقال، يمكن إيجازه على النحو التالي: هل يجب الاستمرار في إعفاء المجتمع ككل من مسؤولية استمرار حكم الديكتاتور سنين تطول عقوداً، يمارس خلالها ما شاء من أساليب ترويع الناس، بلا ضمير يردع، إضافة إلى إغراق البلاد في حروب تدمر أسس بنيانها الاقتصادي، وتنسف احتمالات نهوضها المستقبلي، وتفتت حتى فسيفساء نسيجها الاجتماعي؟
كلا، ليس منطقياً إعفاء مجتمعات تحكمها ديكتاتوريات شمولية، من مسؤولية إعطاء الفرصة للديكتاتور كي يلج في وحل الطغيان كما يحلو له، وأن يمارس، وفق تفكير ممنهج، إعادة تركيب المجتمع كما يتفق مع أي مشروع تسلطي يتوق إلى تحقيقه، ليس داخل أرض بلده فحسب، وإنما وصولاً إلى مناطق تبعد آلاف الأميال. من السهل، السير على نهج القول إن الشعوب مغلوبة على أمرها. ومن اليسير، دائماً، الاتكال على حجج عدة، أبرزها في هذا السياق، رفض القول الشائع «السكوت علامة الرضى»، والإصرار أن صمت الناس هو نتاج القهر، وليس دائماً دليل رضاها. باختصار، يوجد دائماً تبرير جاهز يدفع عما يسمى «الأغلبية الصامتة» أنها تتحمل أي قدر من المسؤولية، مهما تجاوز طغيان النظام الديكتاتوري من حدود.
صحيح أن مقاومي ديكتاتورية صدام حسين كثر، ومؤكد أنهم دفعوا فادح الثمن منذ البدايات، وبينما كان صدام، الفرد والنظام، يلقيان الترحيب، والتعامل الإيجابي، بل المديح الزائد على اللزوم أحياناً، من قِبل شخصيات عربية متعددة الاتجاهات، ومنابر إعلامية عدة - عَمِلتُ في بعضها - الأمر الذي يثير التساؤل: لماذا، وكيف وقع التناقض بين رؤى طلائع الرافضين للحكم الديكتاتوري، منذ الشهور الأولى لقيامه، ليس في عراق صدام حسين وحده، بل كذلك في ليبيا معمر القذافي، وفي سوريا حافظ الأسد - وابنه من بعده - وبين قناعات غالبية المجتمع داخلياً، التي بدورها أقنعت آخرين في الخارج بواقعية تصوراتهم؟ الجواب ليس مستحيلاً، لكنه أيضاً غير سهل، ثم هو يتطلب مجالاً أرحب من مساحة هذه المقالة. إنما، اختصاراً، يمكن القول إن صدام حسين، بإقدامه على كارثة غزو الكويت، صدم المخدوعين بما كان يختبئ تحت بريق ما رأى فيه كثيرون، داخل العراق وخارجه، حالة نهوض عربية تبشر بإمكانية قيام مجتمع مدني مستقر سياسياً، مزدهر اقتصادياً، متناغم اجتماعياً، وبالتالي واعد مستقبلياً. فجأة، انهار هذا كله تحت جنازير دبابات عراقية تخترق حدود الكويت فجر الاثنين 1990/8/2. وتبين، فيما بعد، خصوصاً بعدما فشلت كل محاولات إقناع صدام حسين بالرجوع عن الخطأ، والانسحاب سريعاً قبل أن يهدم بنفسه كل شيء، أن الوعد واهمٌ، لأنه قائم على أسس واهية اكتفت بالاعتماد على ما يدور في رأس فرد هو السيد الرئيس.
هذا يعيدني إلى مطلع المقال، ولِمَ استفزت عبارة «جيش صدام حسين» أحدهم فرَد عليّ بما رد. بلا إلزام نفسي بحسم اليقين، القاطع لأي شك، سوف أُرجح أن مرجع الاستفزاز هو الانتماء إلى شرائح في المجتمع العربي لا تزال توهم النفس أن الرئيس هو الوطن، والعكس صحيح أيضاً. ربما يقتنع السيد المُستَفَز لو قرأ، بتمعن، في مقال الأستاذ غسان شربل، رئيس تحرير «الشرق الأوسط» بعدد الاثنين الماضي، الفقرة التالية: أروي هنا ما سمعته من رئيس أركان الجيش العراقي آنذاك الفريق أول ركن نزار الخزرجي. قال: «كنت نائماً في منزلي ليلة الأحداث. اتصل بي صباحاً سكرتير عام القيادة العامة الفريق علاء الدين الجنابي وطلب أن أذهب إلى القيادة العامة وحين دخلت مكتبه قال: أكملنا احتلال الكويت... بعد ربع ساعة وصل وزير الدفاع عبد الجبار شنشل وتم إبلاغه بالطريقة نفسها. تصور أن الجيش يُدفع في مغامرة من هذا النوع من دون علم وزير الدفاع ورئيس الأركان... ما عرفته هو أن صدام وضع الخطة شخصياً في حضور حسين كامل وعلي حسن المجيد. ربما استعانوا بآخرين من المقربين لمسائل تفصيلية، لكن الخطة كانت بين الثلاثة». تُرى، هل من دليل أقوى، يوثق أن جيش العراق كان، أولاً، جيش صدام حسين؟ كلا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جيش صدام أم العراق جيش صدام أم العراق



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:21 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

افتتاح معرض "ألوان السعودية" المتنقل في جدة

GMT 07:14 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الرميحي يزور جناح دولة قطر في معرض "اكسبو 2015"

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج جديد فى إذاعة الشرق الأوسط عن التعديلات الدستورية

GMT 13:26 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مقهى ثقافي ومسابقة تصوير في معرض كتاب شرطة دبي

GMT 11:40 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"أبوظبي للسياحة" تنظم معرض "ميادين الفنون"

GMT 07:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

جبل بوزداغ من أروع المناطق السياحية للتزلج

GMT 05:28 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

HTC تنشر أول صورة تشويقية لهاتفها المرتقب One M10

GMT 11:02 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بحث تطوير مشروع جامعة عمان مع كامبريدج

GMT 03:34 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يستقطب أكثر من 600 ألف زائر

GMT 08:27 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميثاء الخياط تعرّف الأطفال بطرق قص مبتكرة في "الشارقة"

GMT 01:52 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كلوب يكشف السبب الرئيسي لسقوط ليفربول أمام ساوثهامبتون

GMT 12:49 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يوضِّح تعرّضه للأذى في برشلونة سبب خروجه عن صمته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates