التأجيل لمصلحة إسرائيل

التأجيل لمصلحة إسرائيل

التأجيل لمصلحة إسرائيل

 صوت الإمارات -

التأجيل لمصلحة إسرائيل

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

تُرى، هل أحسن الصنعَ بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، حين استمع لما قيل له من «نصائح»، بعض الأقربين، داخل البيت الإسرائيلي ذاته، وآخرين أصدقاء لتل أبيب، بعيدين جغرافياً عنها، لكنهم قريبون منها، قرب الحُلقوم من القلب، بل تجدهم أحياناً طوع بنانها، ولا عجب، فهي كيان مُختَرَع على أيديهم، أُعطي اسم «وطن اليهود القومي»، كي يُزرع في تراب أرض فلسطين؟ الأرجح أن الجواب عن السؤال هو: نعم، إذ في انصياع نتنياهو، وهو الذي عُرف بالعناد المتجبر، لتلك «النصائح»، بشأن تأجيل تنفيذ خطط ضم مساحات شاسعة من أراضي الضفة الغربية (تزيد عن 30 في المائة)، إضافة إلى غور الأردن، تبييض مطلوب الآن، ربما أكثر من كثير وقت مضى، لوجه إسرائيل أولاً، ثم حلفائها ثانياً، ليس فحسب بفعل تأثيرات وباء «كورونا»، أو الانتظار حتى القضاء عليه تماماً، كما زعم نتنياهو في تبرير التأجيل، وإنما لضرورات تستدعيها مواجهة التمدد الإيراني في المشرق العربي، من جهة، والطموح التركي المتصاعد بمناطق الشمال الأفريقي، عبر ليبيا، من جهة ثانية.
آخر الذين هبوا لتقديم نصح الصديق الوفي لإسرائيل، بشأن إعادة النظر في خطط الضم، كان بوريس جونسون، رئيس الحكومة البريطانية، الذي يبدو أنه لفرط الحرص على مصلحة إسرائيل، خصص بعض وقت، رغم تكاثر هموم تأثير وباء «كوفيد - 19» على بلاده، لكتابة مقال نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية الأسبوع الماضي، تضمن النصح المغلف بصيغة تحذير أن المضي في تنفيذ الضم مخالف للقانون الدولي. إنما أول، وربما الأهم، بين المواقف الدولية، التي أسهمت في إخضاع نتنياهو للقبول بمبدأ تأجيل التنفيذ، هو موقف جاريد كوشنر، صاحب النفوذ الأقوى في الأوساط المقربة من دونالد ترمب، كونه صهر الرئيس الأميركي، وكبير مستشاريه، إذ امتنع غير مرة عن إعطاء موقف صريح يعطي الضوء الأخضر لتنفيذ خطط الضم، خصوصاً أنه مبتكر ما سُمي «صفقة القرن»، وربما رأى في التسرع بتنفيذ مخططات الضم ما من شأنه إفساد تلك الطبخة. عبر أيضاً عن نوع من النصح لإسرائيل بشأن التأجيل مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، خلال زيارته تل أبيب في مايو (أيار) الماضي، وأفصح عن ذلك، ضمناً، مساعده ديفيد شنكر، الذي رافقه في تلك الزيارة، حين قال: «نحن نقول دائماً إن هذا يجب أن يتم مع رؤية السلام، وعلى الإسرائيليين إجراء حساباتهم»، وفق ما تضمن مقال الكاتبة هدى الحسيني في عدد «الشرق الأوسط» يوم الخميس 21-5-2020.
بالطبع، كان لعدد من المواقف الدولية تأثيرها في ممارسة ضغط أثمر في أن يستمع نتنياهو للأصوات المعارضة للضم. من ذلك، مثلاً، توقيع أكثر من ألف نائب في البرلمان الأوروبي على بيان ندد بخطط الضم، وعدها مخالفة صارخة للقانون الدولي. كذلك، أيضاً، عقد مجلس الأمن جلسة افتراضية خُصصت لبحث الموضوع، وانتهت إلى إدانة صريحة لأي تنفيذ لتلك الخطط، كونها تزعزع السعي إلى تحقيق سلام عادل في الشرق الأوسط. واضح، إذنْ، للمتابع أن انصياع نتنياهو للتأجيل ينسجم تماماً مع حرص أصدقاء تل أبيب وحلفائها، على مصالح إسرائيل، وصورتها الدولية، قبل أي شيء آخر، إذ قد تتعرض مصالحها للخطر، في حال الإصرار على ضرب عرض الحائط بكل نُصح يُسدى إليها.
رغم أن ذلك كله واضح تماماً، يأتي من يجير خضوع نتنياهو للنصح بتأجيل خطط الضم، لصالح ما يُقال إنه ضغط مورس من قبل تنظيمات، أو أحزاب، أو حركات فلسطينية وعربية، ومن ثم صمود مزعوم في مواجهة مخطط التوسع الصهيوني. الواقع الحقيقي، الممارس أمام الملأ أجمعين، يقول بوضوح إن حكام إسرائيل ما عادوا يقيمون أي وزن لأي صراخ فلسطيني، ولا لأي زعيق متشنج، بأي من أصقاع العالم العربي، أو الإسلامي، لأنهم مدركون أن نهج الزعيق والصراخ لن يثنيهم عن تنفيذ مخططاتهم، عندما تتاح الفرصة، ويكون الوقت مناسباً للصالح الإسرائيلي. مثال على ذلك يتضح في موقف بيني غانتس، شريك نتنياهو في الائتلاف الحكومي، وزير الدفاع في الحكومة الحالية، حين صرح في الخامس والعشرين من الشهر الماضي أن «إسرائيل لن تستمر في انتظار الفلسطينيين، وستمضي دونهم، إن لم يكونوا جاهزين لعملية الضم». يبقى تساؤل مؤلم: تُرى لو أن نتنياهو لم يستمع لأي نصح، ومضى في تنفيذ قرار الضم، هل من رد فعل مُتوقع، سوى تكرار زعيق التنديد والاستنكار؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التأجيل لمصلحة إسرائيل التأجيل لمصلحة إسرائيل



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates