خطر إلغاء الآخر

خطر إلغاء الآخر

خطر إلغاء الآخر

 صوت الإمارات -

خطر إلغاء الآخر

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

ثمة من يرى أن إلغاء الآخر غباء. صحيح، إنما الأصح أنه أكثر خطورة، لأنه تعبير عن الإصرار على تشبث العقل بإنكار حقائق قائمة على الأرض، تغذيها أحداث تتوالى، حدثاً يتلوه آخر، وإذ ذاك يصير بوسع كل أعينٍ مفتوحة كي تبصر أن تراها، تماماً كما تُرى الشمس ساطعة في كبد سماء كل صحراء صافية بلا غيوم، إلا عين الذي شاء أن يتخذ ضلال التفكير سبيلاً لتضليل عموم الناس. ذلك النفر من البشر أمرهم واضح أيضاً، ومفهوم جيداً، لكل ذي قلب يعقل، فيدرك الجواب عن السؤال: لماذا يصبح بعض الخلق ماشيا على الأرض كما النائم، ليس يدري مَشرق وجهته من مغربها، راضياً أن يتبع ما يسمع، بلا عناء تفكير أو تدبر، حتى لو أن نقيض ما يُقال له، هو الأصح؟يحق ما سبق على إسرائيليين كُثر انصاعوا لتضليل كبار قادة الحركة الصهيونية الأوائل، فصدقوا ما صدر عنهم من ادعاء إنكار وجود الآخر. أحد أشهر الأمثلة على ذلك قول اشتُهر بشدة سخف غبائه، حين نُقل عن غولدا مائير، قولها في تصريح نشرته لها صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية بتاريخ 1969/6/15 ما يلي: «ليس هناك من شعب فلسطيني، وليس الأمر كما لو أننا جئنا لنطردهم من ديارهم، والاستيلاء على بلادهم، إنهم لا وجود لهم». في السياق ذاته، نُسِب إلى حاييم وايزمان، قوله في خطاب ألقاه أمام اجتماع صهيوني عُقد في باريس: «هناك بلد اسمه: فلسطين، وهو من دون شعب، ومن ناحية أخرى هناك الشعب اليهودي، وهو بدون بلاد، إذاً فمن الضرورة وضع الجوهرة في الخاتم، أي: جمع الشعب اليهودي في الأرض»، وفقاً لما أورد كتاب من ترجمة وتحقيق لطفي العابد وموسى عنز، بعنوان: «الفكرة الصهيونية... النصوص الأساسية». إذاً، كما هو واضح، جوهر الغباء، لدى كلٍ من غولدا مائير، وحاييم وايزمان، يتمثل في الإصرار على إلغاء الوجود الفلسطيني كلياً. الطريف، أو ربما المخيف، للمنكرين وجود شعب فلسطيني، أن مائير ذاتها تظهر في فيديو متاح على «يوتيوب» تقر فيه أنها حتى إعلان قيام دولة إسرائيل بتاريخ 15/5/1948 كانت تحمل جواز سفر فلسطينياً. بالتأكيد، هو غباء إسرائيلي مقصود بهدف التضليل، لكن مأساة المآسي تتبدى في ظهور أصوات تنطق بالعربية، وبها تعتدي، أمام جمهور منصة باتساع «يوتيوب» على حقائق التاريخ والجغرافيا، كأنها تقصد التطوع للتخندق في صف أصوات إسرائيلية كل همها أن تلغي الوجود الفلسطيني. تُرى، نحو أي مدى سوف يتدنى هكذا انحدار؟أبعد من الهم الفلسطيني، المُثقل بهموم أثقل من قدرة شعوب كثيرة على التحمل، تجلى خطر إلغاء الآخر في أكثر من حالة مر بها العالم العربي، منذ مطالع تسعينات القرن الماضي، ولم تزل قائمة حتى الآن. ظهر ذلك جلياً عندما صمت أغلب المفكرين العرب، ومعظم المؤثرين في دوائر صنع القرار، عن بدء اشتعال نار الإرهاب باسم دين الإسلام في الجزائر. آنذاك، فضل كثيرون السكوت من منطلق الظن أنهم في مأمن، ما دام أن الحريق المشتعل بعيد عن دارهم. حتى مع وصول إرهاب ما كان يُسمى «الجماعة الإسلامية المسلحة» إلى قتل زوجات وأطفال وأمهات وآباء رجال الأمن الجزائري، ظل مبدأ إنكار وجود خطر اتساع دائرة الإرهاب باسم دين الإسلام، قائماً. هل أن هذا الكلام نوع من البكاء على ماضٍ تولى؟ ربما. لكن السؤال يبقى جائزاً: ماذا فعل مَن كانت بأيديهم إمكانية الفعل كي يُحال دون استنساخ حريق الجزائر، في عدد من ديار العرب لا تزال الحرائق تشتعل فيها، من العراق إلى سوريا، والآن ليبيا؟الأغلب أن التاريخ سوف يوثق أن القليل جداً من العمل الجاد تم للتخلي عن وهم أن إلغاء، أو إنكار، وجود الآخر، يلغي تماماً خطر وجوده. يحصل هذا، للأسف، رغم أنه ثبت، عبر مختلف العصور، أن التجاهل خطر يحمل في طياته من المخاطر أضعاف ما قد يترتب مِن خسائر المواجهة. أفضل كثيراً، لأي مجتمع، أن يتعامل مع مكامن الخطر المُختَلف معها. هذا يوجب الإقرار بوجودها، بدل التوهم أن مجرد الإنكار كافٍ لإنهاء الخطر. لعل فيما انتهى إليه تعامل اللامنطق الإسرائيلي مع الحق الفلسطيني، ما يفيد كل من لم يدرك بعد خطر إلغاء الآخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطر إلغاء الآخر خطر إلغاء الآخر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:21 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

افتتاح معرض "ألوان السعودية" المتنقل في جدة

GMT 07:14 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الرميحي يزور جناح دولة قطر في معرض "اكسبو 2015"

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج جديد فى إذاعة الشرق الأوسط عن التعديلات الدستورية

GMT 13:26 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مقهى ثقافي ومسابقة تصوير في معرض كتاب شرطة دبي

GMT 11:40 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"أبوظبي للسياحة" تنظم معرض "ميادين الفنون"

GMT 07:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

جبل بوزداغ من أروع المناطق السياحية للتزلج

GMT 05:28 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

HTC تنشر أول صورة تشويقية لهاتفها المرتقب One M10

GMT 11:02 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بحث تطوير مشروع جامعة عمان مع كامبريدج

GMT 03:34 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يستقطب أكثر من 600 ألف زائر

GMT 08:27 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميثاء الخياط تعرّف الأطفال بطرق قص مبتكرة في "الشارقة"

GMT 01:52 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كلوب يكشف السبب الرئيسي لسقوط ليفربول أمام ساوثهامبتون

GMT 12:49 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يوضِّح تعرّضه للأذى في برشلونة سبب خروجه عن صمته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates