أعمق من «أم هارون»

أعمق من «أم هارون»

أعمق من «أم هارون»

 صوت الإمارات -

أعمق من «أم هارون»

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

سؤال: أمِن الضروري، كلما تعامل أي عمل إبداعي، إنْ عبر شاشات التلفزة أو صفحات الكتُب، مع جوانب تتعلق بفلسطين، أن يسارع فلسطينيون إلى أقرب مكبر صوت للجهر بصيحة الحق «الله أكبر»، التي يرددها المؤمنون في مشارق الأرض والمغارب خمس مرات يومياً، وفي كل صلواتهم، وليس من خلاف بينهم بشأنها على الإطلاق. لكن ذلك الزعيق، تحديداً، سوف يتواصل بمضمون ليس من اتفاق إطلاقاً بشأن مبتغاه، أما خلاصته فهي ما معناه أن: الحقْ، انظرْ، يجب أن نوقف هؤلاء، إنهم يُطبِّعون مع إسرائيل؟ جواب: كلا، ليس ضرورياً مثل هذا الهيجان في مواجهة العمل الفني، كما حصل، أخيراً، في ردود فعل صاحبت عرض المسلسل التلفزيوني «أم هارون» على شاشة «إم بي سي» مع بدء شهر رمضان الكريم.

الواقع أن الأمر أعمق من مجرد اعتراض على مسلسل تلفزيوني. إنما، التوضيح مطلوب قبل أي استطراد. المتابع لما يجري، فلسطينياً، يعرف أن ردود الفعل، التي يتصنّع معظمها الغضب، تصدر عن أصوات توجِّه أصحابها ارتباطات أوضح من التعريف بها، بل ربما الأصح القول، موضوعياً، إن المُجاهِر بمواقفه، بين أصحاب تلك الأصوات، يعترف، متباهياً، بالوقوف إلى جانب عواصم غير عربية، في مقدمها أنقرة وطهران، وهي واضحة الأهداف أيضاً في معاداتها لمواقف عدد من الدول العربية، على رأسها المملكة العربية السعودية. أين المُشكِل، إذنْ، إذا وظّف أصحاب الصوت الزاعق بمزاعم رفض تطبيع العلاقة مع إسرائيل، أي عمل إبداعي لأجل شن الهجوم على دول عربية محددة؟
ليس من مشكل على الإطلاق. إنما يوجد فارق مهم بين متصنّع الغضب، على شاشات الزعيق السياسي، بمعنى كل ذي ارتباطات معروفة الأهداف، ومتشابكة التعقيدات عندما يتعلق الأمر بالمصالح الذاتية، وبين غضب مواطن فلسطيني قابع في مخيمات المنافي منذ اثنين وسبعين عاماً. إذا غضب اللاجئ الفلسطيني البسيط، غير المُسيّس، ولا المؤدلج بعقائد أحزاب، أو حركات، وغير المرتبط بتحالفات فصائل فلسطينية مع عواصم غير عربية، ولا ينصاع لتوجيهات تفرضها ارتباطات مصالح محددة، فإن غضبه إزاء ما يُصَوّر له تقارباً مع إسرائيل، هو غضب مفهوم، أو يجب أن يُتفهم، لسبب واضح وبسيط كذلك، خلاصته هي أن قادة إسرائيل أنفسهم يرفضون تطبيع العلاقة مع الفلسطيني المتمسك بحقه في استرجاع ما ضاع من أرضه، وهم بذلك يرفضون التصالح الطبيعي مع الشعب الفلسطيني ذاته، وليس مع قيادات تنظيماته وأحزابه وحركاته.
الأرجح أنه ليس من السهل على غير الفلسطيني فهم لماذا يغضب بسطاء الفلسطينيين، تكراراً أقصد غير المرتبطين بتحالفات أو أجندات محددة، عندما يُقال لهم، بهدف خدمة مقاصد تَهمّ آخرين، إن شبهات تقارب مع إسرائيل تحوم حول موقف ما، أو حتى مجرد عمل فني. منشأ صعوبة فهم الغضب يرجع، ببساطة، إلى أن معظم العرب لم يمر بتجربة الإحساس بمُرّ احتلال الأرض، وتشتت أفراد العائلات في أرجاء الكوكب. لكن، هل تفهُّم غضب بسطاء الفلسطينيين، يبرر أن يُلحق بعض منهم الأذى بأحاسيس غيره من العرب؟ كلا، بالتأكيد، مثلما أن إيذاء ذي الارتباطات المعروفة في الضفة الفلسطينية لأحاسيس مواطني مجتمعات عربية ليس مبرراً، على الإطلاق، لأن يصل غضب بعضهم إلى حد أن يطالب الظالمين في إسرائيل بحرق الفلسطينيين. أي ظلم يُلحق هكذا صراخ أحمق ليس فحسب بالتاريخ المُشرّف للشعب الفلسطيني، بل كذلك بتاريخ بلد الزاعق بهكذا هراء، وبوقوف شعبه الدائم إلى جانب الحق الفلسطيني؟ حقاً، إلى أي مدى يمكن أن يصيب جنون الغضب بعضاً من الناس، دفاعاً عن بلده أو قضيته، فإذا به يسيء إلى بلده، قضيته، شعبه، بل وذاته أيضاً؟
يبقى القول إنني كنت أنوي أن أواصل في هذه المساحة، ما انتهيت إليه في مقال الأربعاء الماضي بشأن أخطاء قيادات فلسطينية وخطايا أنظمة حكم عربية، لكن ما طفح فوق أسطح منصات «التواصل الاجتماعي» خلال الأيام الأخيرة من روائح كراهية تبادلها مدمنو الردح السياسي، فلسطينيين وعرباً، فرض التعامل معه فرضاً، لغرض واضح ومحدد، يمكنني اختصاره بالقول إنها كراهية لا تمثل الفلسطينيين، ولا أي مجتمع عربي تنتسب إليه، ولا هي تتفق مع شيم الأخلاق العربية، بل هي تتخاصم أصلاً مع قِيم العرب الأصيلة، التي تحترم أصول الخلاف. أما مراجعة مواقف القيادات الفلسطينية من الخلافات العربية، وانغماس بعضها في صراعات لا مصلحة للفلسطينيين فيها، فيمكن العودة إليها لاحقاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أعمق من «أم هارون» أعمق من «أم هارون»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 19:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 03:01 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013

GMT 07:41 2013 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

بدء المرحلة الثانية من مساكن "وادي كركر"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates