تفوقوا أكاديميين واحترقوا سياسيين

تفوقوا أكاديميين واحترقوا سياسيين

تفوقوا أكاديميين واحترقوا سياسيين

 صوت الإمارات -

تفوقوا أكاديميين واحترقوا سياسيين

بكر عويضة
بقلم : بكر عويضة

كان أشرف غني، آخر رئيس أفغاني حتى اكتمال الانتصار الطالباني بالاستيلاء على كابل، عاصمة أفغانستان، يُعامل وفق ما تستحق كل قامة ذات مكانة يُشار إليها بالبنان في أروقة العلم، ومجالات العمل الأكاديمي، فتحظى بكل الاحترام والتقدير المُكْتَسَبين طوال سنوات من جهد دؤوب، واجتهاد يغتني من منابع العلم، سواء على مقاعد الدرس والبحث العلمي، في مواقع تدريس الطلاب والطالبات بشتى فروع المعارف. تلك كانت طبيعة التعامل السوية مع الرجل حتى عام 2014 حين استبدل منصب رئيس الدولة، الذي سيضع على كاهله عبء مواجهة تقلبات الحدث السياسي، بموقع الباحث الأكاديمي. لكن البدايات ترجع بضعة أعوام إلى الوراء، إذ تسلم أشرف غني المنصب الرئاسي، بعد مناصب عدة في سلم العمل السياسي، بدءاً من مرحلة الرئيس الأسبق حامد كرزاي، وهو مذ ذاك الوقت أقدم على مخاطرة استبدال الأدنى بما هو خير وأبقى. هل من تفسير لذلك؟ نعم، على رغم كل ما في المنصب السياسي من وهج شهرة، أو بريق قوة، فإنه يبقى في درجة أدنى من أي موقع أكاديمي. الأول هو القابل دائماً للزوال. الثاني باق ما أبقى المُتمتع به على خُلق ومتطلبات الإبقاء عليه. في العمل السياسي، سوف يأتي يوم يوصف فيه مسؤول ما بصفة «سابق». تتساوى في ذلك مختلف المستويات، وهو أمر يحدث في كل الثقافات. أما الموقع الأكاديمي فلا يخلع صاحبه، بل يبقى نِعم القرين له حتى بعد مغادرته مدرج الجامعة إلى نعيم التقاعد، بل وأيضاً عقب الرحيل عن الدنيا كلها. تُرى، هل توقع بروفسور أشرف أن الرئيس غني، سوف يضطر يوماً للهرب من كابل طلباً للنجاة من انتقام الفائزين بها؟
الأرجح أن الجواب المنطقي هو: نعم كان يجب على الرئيس أشرف غني أن يتوقع هكذا تطور في بلاد كما أفغانستان، تتغير فيها التطورات بسرعة هبوب عواصف الرمال بين كهوف الجبال وضفاف الوديان، حتى لو بدا أن الوضع على الأرض غير ذلك، أو شبه مستقر، لفترات قد تستمر بضع سنين، بدليل أن الرجل لم يرفض مبدأ التفاوض مع قيادات حركة «طالبان» أثناء وجودها في قطر. بصرف النظر عما آلت إليه الأمور، وما سوف يترتب على تغيرها المتوقع، يظل جوهر ما حصل مع شخص الأكاديمي أشرف غني، يتلخص في حقيقة أنه خسر منصب الرئيس، وسوف يكون محظوظاً إذا أمكن له استرجاع موقعه في حقول العلم وفق التخصص الذي أهله في السابق لأن يحظى بمناصب في مواقع ليست أقل أهمية من أي موقع سياسي، إن لم يفق بعضها في الأهمية المناصب السياسية كلها، أياً كانت.
غني عن القول إن مثال الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني ليس الأول، وبالتأكيد ما هو بآخِر حالة، عند الحديث عن حالات انتقال أكاديميين تفوقوا في أداء عملهم الأكاديمي، إلى أدغال الغابات السياسية، وانتهى بهم الحال أن احترقوا فيها معنوياً بعدما اكتووا بنيران حرائق أحداث بلدانهم، وتقلباتها المتعددة. ثمة أكثر من مثال جاهز للاستحضار يعبر عن غير أكاديمي بارز احترقت أصابعه، وأحياناً تشوهت صورته، بعد أن هجر الموقع الأكاديمي إلى المنصب السياسي. تتعدد الأمثلة على امتداد العالم العربي بأكمله، لكنها تتجلى خصوصاً في بلدان عربية كثرت خضاتها السياسية خلال النصف الثاني من القرن الماضي، والربع الأول من الحالي. ماذا حصدت معظم الشخصيات الأكاديمية التي مرت عبر الدهاليز السياسية؟ لا شيء يُذكر في المدى البعيد، بمعنى أن معظمها أخفق في تحقيق إنجاز يصمد طويلاً أمام تقلبات السياسة، فيلبي تطلعات بسطاء الناس إلى غد أفضل.
قبل أن أختم، يلح تساؤل أمامي متصل بالموضوع ذاته؛ تُرى هل صحيح أن بروفسور إدوارد سعيد، أيقونة فلسطين المُضيئة ما بقي الزمن، علماً وأدباً، ثقافة وفناً، تطلع أيضاً إلى منصب سياسي؟ هناك من يزعم أن إخفاقه في الحصول على موقع سياسي كان جوهر خلافه مع الرئيس ياسر عرفات بشأن توقيع اتفاق أوسلو. كلا، أرجِح، بل أُكْبِر، أن الراحل الكبير قد خطر له خاطر كهذا. إدوارد سعيد كان أكبر من أي منصب سياسي، وكذلك أيضاً كل صاحب، وصاحبة، مكان مرموق في الحقل الأكاديمي، ذلك أن علمهم وعلمهن، يبقى أهم كثيراً، وأبقى لهن ولهم من كل منصب سياسي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفوقوا أكاديميين واحترقوا سياسيين تفوقوا أكاديميين واحترقوا سياسيين



GMT 17:50 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

عودة الجغرافيا السياسية: حرب أوروبا

GMT 20:10 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

السم بالتذوق

GMT 20:03 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مراهنات خطيرة في السودان

GMT 19:59 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الحرب الأهليّة في تأويل «حزب الله» لها

GMT 19:55 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية... الحقبة الخضراء

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 21:09 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

"داميان هيندز" يطالب بتعليم الأطفال المهارات الرقمية

GMT 11:11 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حسن يوسف سعيد بالاشتراك في مسلسل "بالحب هنعدي"

GMT 03:01 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

حسين فهمي ووفاء عامر يستكملان "السر" لمدة أسبوع

GMT 16:07 2013 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم النينجا المكان الوحيد الذي تخدمك فيه النينجا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates