رهام غضبة لن تنام

رهام... غضبة لن تنام

رهام... غضبة لن تنام

 صوت الإمارات -

رهام غضبة لن تنام

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

بدءاً، ليس في الأمر أي مبالغة؛ ما من كلمات، سواء كُتبت أو قيلت، نثراً أو شِعراً، يمكنها أن تفي ضحية الغدر، أياً كانت، وبأي مكان قُتِلت، حقَها الذي وجب لها، والواجب تأديته على كل من لم يزل يشعر أن في الضمير منه بقية خير، بعدما عمّ الشر أرجاء عالم تغوّل فيه، وتكتل، جميع أشرار الكوكب، حتى بدا أن الغلبة لهم، أو أنهم كادوا يزعمون ذلك. أكتب عن رهام شاكر يعقوب، ولستُ أستثني هذه الكلمات من إحساسي المُثبّت قبل أسطر، من حيث إن كل كلامٍ يُقال ليس شيئاً يُذكر إزاء جُرم بشع حدث، في أحد شوارع البصرة، إذ الأعين تنظر، والآذان تسمع، دوّي طلقات تنفجر في رأس شابة لم تتعد عقدها الثالث من العمر، فيما تستعد لقيادة سيارتها. كيف اجترأ قبح الإرهاب الجبان على بلوغ درجة اغتيال روح حب الخير للناس، وجمال الوفاء للوطن، بقتل طبيبة في وضح النهار؟ هل يكفي التبرير بالقول إن أرض الرافدين بدأت الولوغ في تدمير الذات، وتوحش سفك الدماء، منذ إطاحة حكم الديكتاتور صدام حسين، والمسلسل الذي تبع، من انفراط عقد الجيش، والانهيار الكامل لأجهزة حزب البعث، فالسقوط التام للدولة العراقية، وصولاً إلى نشوء «تنظيم داعش»، وقيام «خلافة» ذلك البغدادي المُدعاة، وتسارع تمددها، ثم بدء العد العكسي لمرحلة نهوض شهدتها، بينما ينشغل معظم مفكري العالم وساسته بمحاولة فك طلاسم نشأتها الأولى، وتطور نموها، حتى دقّت ساعة السقوط المدوّي بالقبض على «الخليفة» المزعوم، والشروع في تفكيك دولته؟

كلا، الاكتفاء بذلك التبرير ليس كافياً، لأن القوى السياسية العراقية، بمختلف أطيافها، وبتعدد ولاءاتها، فشلت في إنقاذ بلدها من الوقوع في براثن الفوضى بعد إطاحة النظام. مؤكد أن المسؤولية الأولى تتحملها إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، فما أقدم عليه بول بريمر، أول حاكم للعراق بعد احتلال 2003؛ خصوصاً ما يتعلق بحل الحزب، وإلغاء الجيش، كان الخطأ الأول في سلسلة أخطاء أميركية، وبريطانية، سوف تتوالى وتسهم مباشرة فيما ستؤول إليه أحوال البلد لاحقاً. بريمر لم يخترع البرامج والخطط بفعل عبقرية يتمتع بها، بل كان ينفذ مزاعم منهج وُضِع من قِبل أهم صقور أميركا، آنذاك، مثل دونالد رامسفيلد، وبول وولفتز، وريتشارد بيرل. تلك أوهام صوّرت لهم أن بلوغ هدف السقوط التام لكل المنطقة في قبضة أميركا يتم أولاً عبر فرض «عراق ديمقراطي»، لكنه ضعيف، شبه مقسّم، وبلا ذراع قوية تمتد سلطتها على كامل أرض العراق. تصوّر خاطئ تماماً، لأن الذي حصل كان نقيض ذلك. ففي غياب قبضة الدولة العراقية القوية، وقع الفراغ، وكانت أطماع إيران، وتركيا، تنتظر، تتهيأ، وتتحين الفرصة. بالتالي وصل الوضع إلى ما يرى الجميع من تفاصيل المشهد العراقي المؤلم.
القول إن مختلف القوى السياسية في العراق تتحمل مسؤولية كبرى إزاء الحال البائس، يجب ألا يقلل من أهمية محاولات عدة جرت من قِبل أطراف وشخصيات تتمسك باستقلالية إرادتها. ضمن هذا السياق، يمكن القول إن إعطاء مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء الحالي، فرصة فرض نفوذ الدولة؛ حيثما لها وجود محسوس فوق أرض العراق، هو واجب يقع على عاتق كل عراقي يريد، فعلاً وليس قولاً فحسب، نهوض البلد من ركام الخراب والفوضى وسفك الدماء. صدى اغتيال رهام يعقوب، حمل رسالة غضب من مختلف جموع الناس، سطع لهيبها، كما شمس شهر أغسطس (آب)، الذي يُعطى في العراق، وفي أغلب بقاع المشرق العربي، وصف «آب اللهاب»، فإذا بجريمة قتل رهام تصير، هي ذاتها، غضبة يعلنها العراقيون، ويبدو أنها لن تنام.
يبقى أن أختم بأنني لم أكن على علم بما يحمل الاسم الجميل رهام من المعاني. الفضول دفعني إلى البحث عبر مواقع «غوغل». أتاني أكثر من جواب، لكن أغلبها اتفق على ما مضمونه أن الاسم عربي الأصل، وهو مأخوذ من رذاذ خفيف المطر، وله امتداد في اللغة الأردية بما يعني البركة، والخير، والرحمة، والنعمة. أما طيّب السِمات في شخصية مَن اسمها رهام فكثير، منها التواضع، القلب الحنون، الجمال الهادئ الرقيق، حب مساعدة الغير. تُرى، كم مِنْ رهام، في العراق وغيره، بمثل رائع الصفات تلك، اغتالتها يد غدر جبانة، أو قُتِلت بغير ذنب اقترفت، أو قل لعلها تنتظر؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رهام غضبة لن تنام رهام غضبة لن تنام



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 02:59 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة
 صوت الإمارات - بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة

GMT 03:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف
 صوت الإمارات - تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:21 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

افتتاح معرض "ألوان السعودية" المتنقل في جدة

GMT 07:14 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الرميحي يزور جناح دولة قطر في معرض "اكسبو 2015"

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج جديد فى إذاعة الشرق الأوسط عن التعديلات الدستورية

GMT 13:26 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مقهى ثقافي ومسابقة تصوير في معرض كتاب شرطة دبي

GMT 11:40 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"أبوظبي للسياحة" تنظم معرض "ميادين الفنون"

GMT 07:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

جبل بوزداغ من أروع المناطق السياحية للتزلج

GMT 05:28 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

HTC تنشر أول صورة تشويقية لهاتفها المرتقب One M10

GMT 11:02 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بحث تطوير مشروع جامعة عمان مع كامبريدج

GMT 03:34 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يستقطب أكثر من 600 ألف زائر

GMT 08:27 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميثاء الخياط تعرّف الأطفال بطرق قص مبتكرة في "الشارقة"

GMT 01:52 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

كلوب يكشف السبب الرئيسي لسقوط ليفربول أمام ساوثهامبتون

GMT 12:49 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يوضِّح تعرّضه للأذى في برشلونة سبب خروجه عن صمته
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates