مهزوم منتصر ونصر مزعوم

مهزوم منتصر... ونصر مزعوم

مهزوم منتصر... ونصر مزعوم

 صوت الإمارات -

مهزوم منتصر ونصر مزعوم

بقلم - بكر عويضة

 

سيظل المشهد نابضاً في الذاكرة، كما لو أن الحدث وقع قبل بضع دقائق. ليس لأن الأمر خارج ناموس الطبيعة، أو أن القصة أقرب إلى الخيال منها للواقع. كلا؛ بل لأن الكلام بدا مثل ناقوس خطر يدق الباب، بأمل أن يصحو مَن يستطيع تقويم منهاج خاطئ ساد زمناً طال، حتى استوطن العقول فسيطر على الأذهان. يومها كنتُ أستمع إلى شاهد مهم جداً على حقبة من أهم المراحل بين نكبة فلسطين (1948) وكارثة العرب أجمعين في حرب 1967. موضوعياً، الأستاذ محمد حسنين هيكل ليس شاهداً يُعطى صفة «مهم جداً» فحسب، بل هو واحد من أهم المشاركين في صنع تحولات زمن جمال عبد الناصر، طوال سنوات تمتد ما بين حرب السويس (1956)، مروراً بإصدار قرارات يوليو (تموز) الاشتراكية (1961)، وصولاً إلى الاستجابة باندفاع غير محسوب النتائج لاستفزاز سحب قوات الطوارئ الدولية، وإغلاق قناة السويس أمام الملاحة الدولية، فانفجار الحرب فجر الاثنين 5-6-1967.

حصل ذلك المشهد منتصف ثمانينات القرن الماضي، عندما سألت محمد حسنين هيكل في بدء مقابلة كنتُ أجريها معه لمجلة «التضامن»، بتكليف من ناشرها ورئيس تحريرها الأستاذ فؤاد مطر، عن تأثير هزيمة يونيو (حزيران) على الوضع في مصر، حين فوجئت بالكاتب الصحافي الكبير يقاطعني بغضب، بل بنوع من الفزع، متسائلاً: أأنت ممن يسمونها هزيمة؟ أجبت: بلى، طبعاً هي كذلك. فانتفض قائلاً ما مضمونه؛ هذا مرفوض تماماً. نعم خسرنا سيناء، وهذه «نكسة» بلا جدال، لكن الحرب فشلت في تحقيق هدفها حين أخفق احتلال الأرض في إطاحة نظام جمال عبد الناصر، وذلك كان هدف «المؤامرة» الحقيقي. أعرف أن هذا التوصيف «الهيكلي» لمحصلة حرب الأيام الستة معروف، وأنه انتشر على نطاق واسع عبر مؤسسات إعلام عبد الناصر، بدءاً بمقالات هيكل نفسه على صفحات جريدة «الأهرام» تحت عنوانها الشهير والمميز «بصراحة» كل يوم جمعة. بل إن صحفاً ذات انتشار عالمي، كما جريدة «التايمز» اللندنية، حاكت الأسلوب ذاته عندما صدرت بعنوان بارز على صفحتها الأولى يزعق قائلاً: «زعيم منتصر وأمة مهزومة»، تعليقاً على مظاهرات يومي الثامن والتاسع من يونيو التي رفضت تنحي عبد الناصر عن الحكم.

بيد أن خطأ الإصرار على خطيئة النصر المزعوم، وإنكار واقع يقر بوقوع هزيمة نكراء، لم يتوقف عند محطة حرب 1967، بل طفق يتناسخ خلال حروب عدة انفجرت في العالم العربي نتيجة تراكمات موثقة في سجلات التاريخ، ولعل أحد أبرز أمثلة ذلك الاستنساخ زعم الرئيس العراقي (آنذاك) صدام حسين أن العراق لم يتعرض للهزيمة عندما دُحر جيشه الغازي من أرض الكويت ربيع عام 1991. الواقع أن كل زعم كهذا ليس يستخف بعقول الناس فحسب، بل هو يتجاوز المنطق تماماً. تُرى، هل ثمة انتصار مزعوم مقبل ينتظر الوقت المناسب؟ نعم، الأرجح أن ذلك احتمال صحيح، وربما خلال وقت قريب جداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهزوم منتصر ونصر مزعوم مهزوم منتصر ونصر مزعوم



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates