ثمن غزاوي لمقتل سليماني

ثمن غزاوي لمقتل سليماني

ثمن غزاوي لمقتل سليماني

 صوت الإمارات -

ثمن غزاوي لمقتل سليماني

الكاتب بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

مع سادس يوم يطلع على الناس (اليوم) بعد انفجار زلزال فَجر الجمعة الماضي، يمكن التساؤل عما إذا كان الغبار هدأ قليلاً، فيُتاح لمن أفاقوا مصدومين بما وقع في مطار بغداد، تبيّن صحيح مواضع الخطى، قبل أي اندفاع متهوّر في الإقدام على انتقام غير مدروس النتائج. مفهوم أن المقصود هو ما أوقع اغتيال قاسم السليماني من زلازل ردود أفعال فاق معظمها أغلب التوقعات، ربّما لأن سببها الأساس يكمن في غياب توّقع رد فعل أميركي بهذا الحجم، وبتلك الكيفية، رداً على ما بدا أنه استخفاف من جانب معظم أهل الحكم الإيراني، خصوصاً معسكر سليماني ذاته، و«الحرس الثوري» عموماً، باحتمال أن تذهب إدارة الرئيس دونالد ترمب، إلى هكذا مستوى في التعامل مع تواصل ما تعرضت له هيبتها في العراق، خلال آخر شهرين من العام الماضي.
ضمن ذلك السياق، من منظور فلسطيني تحديداً، لعل أولى الناس بالتريّث قبل إطلاق العنان للرغبة في الثأر لمقتل قائد «فيلق القدس»، هي الفصائل الفلسطينية التي عملت، إما مباشرة، أو بطريق غير مباشر، مع قاسم سليماني، وهي وفق ترتيب أولوية مكانتها عنده حركة «الجهاد الإسلامي»، أولاً، وحركة «حماس»، ثانياً، ثم «الجبهة الشعبية - القيادة العامة»، ثالثاً. لذا، الأرجح ليس من المبالغة تصوّر احتمال أن يُدفع أهل قطاع غزة دفعاً على طريق دفع ثمن ما، أو جزء مما سوف يقال إنه ثمن قتل سليماني. السيناريو المحتمل هو أن يجري إطلاق صواريخ من القطاع على إسرائيل. صدى ذلك سيكون محدوداً، على الأرجح، لأن تأثير الهجمات الفلسطينية الصاروخية على إسرائيل يبقى هامشياً. الأشد تأثيراً هو تنفيذ عملية انتحارية توقع قتلى إسرائيليين. إذا جرى الانتقام فلسطينياً لمقتل سليماني، على هذا النحو، فسوف يعني ذلك توجيه دعوة لانتقام إسرائيلي في المقابل، والطرف الذي سيدفع الثمن هم أهل قطاع غزة جميعاً، لسبب واضح ومعروف لكل من تابع مسلسل الحروب بين إسرائيل وحركتي «الجهاد الإسلامي»، و«حماس»، وخلاصته أن الآلة العسكرية الإسرائيلية ليست تفرّق بين مقاتلي الحركتين والعزّل المدنيين.
مفهوم أن يُحدث مقتل قاسم سليماني صدمة في الصف الفلسطيني المتعامل معه شخصياً، والمتحالف مع التوجه الإيراني عموماً، وربما المنسجم مع مشروع إيران، بدءاً من توسيع مدى نفوذها، وصولاً إلى بسط هيمنتها، ثمّ مد بساط سلطتها الفعلية، حيث تستطيع إلى ذلك سبيلاً. حصل ذلك منذ تمكّن الثورة الخمينية من زمام الأمور. ليس سهلاً أن تغيب من الذاكرة كلمات أسى غاضبة كنتُ أسمعها كلما زرتُ بغداد خلال حرب 1980 - 88 بين العراق وإيران، إذ يتساءل أمامي عراقيون بما مضمونه: كيف يصطف قوميون ويساريون وماركسيون فلسطينيون مع مشروع الخميني الرافع شعار «تصدير الثورة»، بقصد فرض هيمنة إيران على العرب؟ قبل أن أجيب، كان يسبقني ردهم الغاضب بما خلاصته: نرجوك ألا تسارع للقول إنه موقف ضد أميركا وإسرائيل، لن يشتري هذا التبرير أحد في العراق، لأن مواقف العراقيين وأفعالهم في مواجهة أميركا وإسرائيل، خصوصاً بشأن قضية فلسطين، معروفة للجميع.
القصة قديمة، كما ترون. بيد أن اصطفاف القيادات والنُخب الفلسطينية، سواء العروبية، أو اليسارية، وحتى الماركسية، آنذاك إلى جانب إيران الخمينية ضد العراق، لم يتعد في الأغلب الأعم إطار التحالف السياسي، ولغة البيانات، بمعنى أنه لم يذهب إلى حد القتال إلى جانب إيران ضد العراقيين. الصورة اختلفت تماماً في علاقة حركتي «الجهاد الإسلامي» و«حماس» مع إيران خامنئي. نعم، صحيح أن أياً من قيادات الحركتين لم تتورط في القتال إلى جانب إيران ضد طرف عربي، كما فعل الحوثي باليمن، لكنها، بدرجات متباينة، سلمت جزءاً من قرارها السياسي للحاكم الإيراني، وكان الجنرال قاسم سليماني هو الضابط المتحكم بواقع ومستقبل علاقات الحركتين مع طهران.
عندما لجأ ويليام أسانغ، مؤسس «ويكيليكس» الشهير إلى سفارة الأكوادور في لندن عام 2012، هرباً من تسليمه إلى أميركا، سألني أحد مشاهير ميدان التشهير، تلفزيونياً، بأميركا وإسرائيل: أليس في هذا ما يثبت أنهم عندما يريدونك يأتون بك؟ أجبت: نعم، صحيح. الواقع أن ذلك يصح تماماً في كثيرين تراهم يمارسون زعيق العداء ضد واشنطن وتل أبيب آناء الليل وأطراف النهار، فلا يمسهم الأذى، إلا إذا جاء وقتهم. هل كان قاسم سليماني من هؤلاء أيضاً؟ لستُ أدري.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثمن غزاوي لمقتل سليماني ثمن غزاوي لمقتل سليماني



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates