المختلف عليه «صاحب المقام»

المختلف عليه: «صاحب المقام»

المختلف عليه: «صاحب المقام»

 صوت الإمارات -

المختلف عليه «صاحب المقام»

سحر الجعارة
بقلم: سحر الجعارة

فى لحظة محددة قد تمر حياتك أمامك مثل شريط سينما، لتغير فجأة اتجاهك لتسير عكس كل ما اعتدته وألفته وحاربت من أجله، عادة ما تكون هذه اللحظة «أزمة» فارقة بين عالمين: أحدهما مادى بحت لا يفكر إلا بمنطق الربح والخسارة، والآخر روحانى يؤمن بـ«حياة البرزخ» ويتوسل إلى الله بالأولياء الصالحين والقديسين، يتردد على المقامات دون حتى أن يعرف كيف يتصرف.. لأنه يسير خلف «روح»، وهى طيف يقنعه بأن يبتلع المهانة ويعتذر ويطرق أبوابا لا يعرفها.. بحثا عن النجاة.

هكذا وصل رجل الأعمال الشاب «يحيى أو النجم آسر ياسين» إلى مقام «الإمام الشافعى».. لقد رصد الدكتور «سيد عويس» رسائل المصريين إلى «الإمام الشافعى» فى كتابه (من ملامح المجتمع المصرى المعاصر: ظاهرة إرسال الرسائل إلى ضريح الإمام الشافعى).. والذى جمع فيه أكثر من ١٦٠ رسالة أرسلها بعض الناس من محافظات عدة إلى ضريح الإمام الشافعى، يطلبون منه الشفاعة فى قضاء حوائجهم ورفع الظلم عنهم ورد حقوقهم، إذ يقول فى كتابه: (الكثير من الناس على اختلاف مكانتهم الاجتماعية، الذين يلجأون إلى الإمام الشافعى عن طريق زيارة ضريحه، وليس بالضرورة عن طريق إرسال الرسائل إليه. فهؤلاء يذهبون إليه زرافات ووحدانا يتحدثون إليه، ويناجونه، ويشكون إليه ويطلبون منه).

قبل رحلة فض الرسائل وتلبية حاجات الناس كان «يحيى»، بطل فيلم «صاحب المقام»، يتباحث مع شركائه فى كيفية هدم ضريح الشيخ «هلال»، الذى يقف حائلا أمام بناء مشروع سكنى كبير.. الشريكان قام بدوريهما «بيومى فؤاد» وكأنه حوار داخلى بين «العقل» الذى يسهل مهمة هدم الضريح بعدة حسابات مزيفة على السوشيال ميديا تردد أن الأضرحة حرام.. بينما «القلب» يميل بشكل صوفى إلى أن فكرة الاجتراء على الضريح يستتبعها انتقام شديد من «سيدى هلال».. لكن «المال يتحدث» فتتم الخطة باستخدام السلفيين ويتهدم الضريح لتبدأ معاناة «يحيى».

تدخل زوجة «يحيى»، التى قامت بدورها الفنانة «أمينة خليل»، فى غيبوبة طويلة.. وهى الفترة الكافية ليستعيد «يحيى» اكتشاف ذاته المفقودة، تظهر السيدة «روح» التى تُعرف بصلاحها وَوَرَعِها، وتجسد دورها النجمة القديرة «يسرا»، لتدله على الطريق.. ويٌفترض أن «روح» تعمل بالمستشفى، لكنها تتجسد فى كل مكان لتؤكد فكرة «حياة البرزخ» التى تتمحور حولها علاقة الصوفى بالأولياء والقديسين.

كل الصوفيين بداخلهم يقين أن «صاحب المقام» يسمعهم ويراهم، ولهذا يقومون بإحياء موالدهم وزيارة أضرحتهم والصلاة والدعاء لهم، والتشفع بهم، والنذور لهم.

هكذا وجد «يحيى» فى حاجات الناس «صيغة ما» للتكفير عن استغراقه فى عالم مادى، والخروج من النفق المظلم الذى ضاعت فيه زوجته.. لقد آمن فى باطنه بأن للأولياء «كرامات» خارقة للعادة.

يعلن الكاتب «إبراهيم عيسى» فى فيلمه المثير للجدل انحيازه للصوفية، ربما إدراكا منه لخطورة السلفيين على المجتمع، ونحن جميعا نعلم أنهم «ورثة الإخوان»، وأن تفجيرهم لمسجد «الروضة» بالعريش كان إنذارا للصوفيين بأن التكفيريين لن يتركوهم فى أمان.

لكن «عيسى» قدم «نسخة معدلة» من الصوفية، لا تكتفى بتقبيل الحديد والقسم بالأولياء والقديسين، بل تسعى بما لديها من فائض مادى لقضاء حوائج الناس.. وبنفس «صوفية» خالية من العقد لا تطلب «دراسة حالة» قبل المساعدة.. ليتحول البطل إلى «مندوب للإمام الشافعى» أو مندوب للعناية الإلهية: تُعلن التوبة فى وجوده، ويٌقلع المدمن عن التعاطى، وتتحرر الأسيرة، ويعود الغائب.. و«يحيى» يقدم الثمن من كرامته وإمكانياته، بل ومن دمه إذا تطلب الأمر.

«الصوفى المعدل» نسخة لا تُقنع البعض، وهى كعادة «عيسى» مثيرة للجدل، فهناك من رأى فى هدم الضريح وإعادة بنائه إساءة للصوفيين.. لكن النقاش، وإثارة خيال المتفرج، ومراجعته لبعض قناعاته مطلوبة.

«إبراهيم عيسى» كعادته صادم ومشاغب ومٌحير، فلم أر فى شخصية «روح» علامات تدل البشر، بقدر ما رأيتها علامة للمشاهد: إن لم تقتنع بكل ما رأيت خذ نظرة لوم حادة من «روح»، لأنك صدقت فيلم «فانتازيا» يمزج بين الواقع والخيال.. ويحل أزماتنا المعقدة بقدرة خارقة يمكنك تسميتها كرامات «الإمام الشافعى».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المختلف عليه «صاحب المقام» المختلف عليه «صاحب المقام»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 03:31 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 صوت الإمارات - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 03:47 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 صوت الإمارات - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 صوت الإمارات - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 08:15 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عرض مسرحية "الغرفة" على تياترو "آفاق" يناير المقبل

GMT 13:50 2012 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين جمعه يطالب بإنشاء هيئة عليا للعقارات

GMT 06:56 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جماهير نادي العين تنقسم بشأن دعمها للنجم عموري

GMT 12:28 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الإذاعة البريطانية "BBC" تواجه تحقيقات جديدة ومتعدّدة

GMT 16:06 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

صناعات غذائية وتجميلية ووقود طائرات من مستخلصات الطحالب

GMT 18:08 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإمارات للدراسات" يشارك في معرض الشارقة للكتاب

GMT 16:33 2017 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

سعيد بن طحنون يحضر حفل تخرج عاد ومعيض المنهالي

GMT 03:07 2014 الخميس ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طقس الإمارات صحو - غائم جزئيًا والرياح خفيفة الخميس

GMT 00:10 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

أفكار لتجدّيد ديكور غرف النوم الرئيسية "المودرن"

GMT 20:41 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates