ما تقوله لنا حادثة طعن سلمان رشدي
آخر تحديث 17:58:31 بتوقيت أبوظبي
الاثنين 30 حزيران / يونيو 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

ما تقوله لنا حادثة طعن سلمان رشدي

ما تقوله لنا حادثة طعن سلمان رشدي

 صوت الإمارات -

ما تقوله لنا حادثة طعن سلمان رشدي

بقلم : نديم قطيش

مجدداً، تضعنا حادثة الاعتداء على الروائي البريطاني من أصل هندي، سلمان رشدي، أمام ثنائية الإرهابين «السني» و«الشيعي»، وازدواجية المقاربة السياسية الليبرالية الأميركية حيالهما. ليس مهماً الآن ما إذا كان هادي مطر، المُهاجم الشيعي، على اتصال بـ«الحرس الثوري» الإيراني قبل الهجوم، كما تفيد بعض التسريبات الأمنية الأميركية لعدد من وسائل الإعلام المرموقة. وقد لا نعرف ما إذا كان قرار الهجوم قد وصل إلى مطر تصريحاً أو إيحاءً، أو تصرف الشاب مدفوعاً بقناعته الدينية بأنه ملزم بتنفيذ الفتوى الصادرة عن الخميني بإهدار دم رشدي عام 1989، بعد صدور كتابه «آيات شيطانية».
إن ترك مثل هذا التقصي للقضاء ضروري، درءاً لتسييس قرينة البراءة الذي تفوح رائحته من طلائع ردات الفعل الأميركية السياسية، المسرعة للقول إن لا دليل على تورط «الحرس الثوري» الإيراني في الهجوم!
فالمسألة هنا تتجاوز -ويجب أن تتجاوز- الدور التقني، أو غيابه، لأداة من أدوات النظام الإيراني في الاعتداء، إلى أصل الموضوع، وهو فتوى الخميني بحق رشدي، باعتبارها خلاصة الموقع الإشكالي للنظام الإيراني برمته في العالم. الفتوى، بما هي إجازة قتل عابرة للحدود، لا تشكل اعتداءً على الحرية وحسب؛ بل على النظام الدولي برمته، من خلال تصدير أوامر القتل والاغتيال، كامتداد موضوعي لفكرة تصدير الثورة، بوصفها الملمح الأبرز في شخصية النظام الإيراني.
يضعنا ذلك أمام حقيقة النظام الإيراني كنظام يقوم على «أممية فقه الجريمة»، كمادة تعبوية ضد أعدائه الآيديولوجيين ومادة صراعية معهم، ويتميز بثراء الأدوات المتوفرة لتنفيذ مآربه. ومن هذه الأدوات، الاستغلال المحترف لجيل جديد من الإرهابيين المحتملين المقيمين في الغرب، ممن يعانون من تصدعات في الهوية، كما هي حال مهدي مطر الذي صرحت أمه بأنه ثار عليها لأنها لم تعمل على تنشئته دينياً، ولم تعرفه على طريق الإسلام (الشيعي) قبل أن يبدأ هو رحلة البحث الخاصة به.
وعليه، فإن التلهي كل مرة بافتراض نوازع فردية خلف أي حادث إجرامي، كمحاولة قتل رشدي، أو قبله رفيق الحريري (لا يمكن اغتياله من دون فتوى)، والقفز فوق بصمات «الحرس الثوري» أو «فيلق القدس» أو غيره، هو سقوط متكرر في أفخاخ إيران التي تقوم كل حصانتها على الاحتماء من تبعات القانون وصلاحياته المكانية والزمانية، بتحركها الدائم خارج مساحات القانون الوضعي المتعارف عليه في العالم. تتحرك إيران في عالم من الفقه والغيب والسحر والإيحاء والإلهام الذي تُجمله فكرة «الثورة الخمينية»، بما يربك عوالم القانون الذي تتحرك فيه الدول الطبيعية، ويحد من سلطانه وسلطانها. فأن تلهم الفتوى الخمينية هادي مطر هو ما لا قدرة للقانون عليه ما لم تتوفر أدلة دامغة على تحريض أو اشتراك في القتل.
مع ذلك، تكاد تكون الأدلة الظرفية، في كل حادث، كافية لتكوين رأي سياسي صلب حول المسؤولية الإيرانية المباشرة عنه.
أولاً -كما يشير المؤرخ الشاب الأميركي من أصول إيرانية، أفشون أوستوفار، مؤلف كتاب «طليعة الإمام»- فإن «الحرس الثوري» الإيراني «منظمة عالية الاحتراف والتراتبية، ويأتمر مباشرة من المرشد، ما يعني أن أي عملية خارج إيران تسبقها الموافقة من أعلى مستويات النظام الإيراني. أفعال (الحرس الثوري) الإيراني هي أفعال إيران». ويضيف أوستوفار: «الاغتيالات ليست نوعاً من العمليات التي يمكن لأعضاء (الحرس) الانخراط فيها لتحقيق أهدافهم الشخصية. الاغتيال عمل جاد، وعندما يريد النظام قتل أناس في الخارج فهو يقوم بذلك عمداً». وبالفعل لم تطل الفتوى رشدي وحده، ففي عام 1991 قُتل الياباني هيتوشي إيغاراشي الذي ترجم الرواية طعناً، بينما نجا مترجم إيطالي للرواية من هجوم بسكين. وفي عام 1993، تم إطلاق النار على ناشر الكتاب النرويجي ثلاث مرات ونجا، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس». يدل ذلك على مستوى الجدية التي تتمتع بها الفتوى وموضوعها، ومتابعة تنفيذها.
ثانياً، لن يصعب العثور على تبنٍ إيراني، لحادثة الطعن قبل وقوعها. فقبل الحادثة بنحو عام كان سبق أن نصح الجنرال إسماعيل قاآني، قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري»، الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ووزير الخارجية مايك بومبيو بالنظر إلى مصير الكاتب البريطاني الهندي «كمثال لما ستكون عليه حياتهم من الآن فصاعداً»، مضيفاً أنَّ «هزيمة المسؤولين عن اغتيال قاسم سليماني قد بدأت بالفعل».بهذه البساطة، يدمج قاآني بين مقاصد الدولة الإيرانية التي تريد الانتقام السياسي من واشنطن، وبين مقاصد مهاجم رشدي الذي يراد أن يبدو رد فعله عملاً منفرداً لا يحمل دليلاً على تورط عملي لجهاز من أجهزة الدولة الإيرانية. ويمر هذا الدمج في الإعلام الأميركي بوصفه إفرازاً من إفرازات الدعاية السياسية لا أكثر، وليس دليلاً على نية أو فعل جرميين عند صاحب القول ومن يمثل.
ثالثاً، لم تُشِح الأدوات الإيرانية الإعلامية وغير الإعلامية بوجهها عن الحادث. فقد احتفل بها الإعلام الإيراني الذي كان قد سبقه تحريض من شخصيات مثل الأمين العام لميليشيا «حزب الله» حسن نصر الله، يحث المؤمنين على تنفيذ فتوى الإمام، ويصدف أن نفذها لبناني من الموالين له!
بعد اغتيال العقيد في «الحرس الثوري» حسن صياد خدايي في طهران الذي ألقي باللوم فيه على «الموساد»، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بنيت: «على مدى عقود، مارس النظام الإيراني الإرهاب ضد إسرائيل والمنطقة عن طريق الوكلاء والمبعوثين؛ لكن رأس الأخطبوط، إيران نفسها، يتمتع بالحصانة». وأضاف: «كما قلنا من قبل، انتهى عصر حصانة النظام الإيراني، وهؤلاء الذين يمولون الإرهابيين ويسلحون الإرهابيين ويرسلون الإرهابيين سيدفعون الثمن بالكامل».
قد يكون هذا أهم تطور في السلوك السياسي تجاه إيران منذ عام 1979. لكن تبقى الحصانة الأهم هي حصانة إيران الناتجة عن انتحال صفة الدولة، والتصرف دائماً كتنظيم إرهابي عابر للحدود.
حادثة سلمان رشدي هي جرس إنذار لفهم سلوك نظام الخميني من هذه الزاوية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما تقوله لنا حادثة طعن سلمان رشدي ما تقوله لنا حادثة طعن سلمان رشدي



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ صوت الإمارات
اجتمعت عاشقات الموضة الشهيرات في الوطن العربي خلال الساعات والأيام الماضية على تفضيل اللون الأسود لتزيين أحدث ظهور لهن، حيث تكاثفت إطلالات النجمات المتألقات بالأزياء السوداء، وزينت مواقع التواصل الإجتماعي، وطغت على اختياراتهن الأناقة والتفاصيل المعاصرة، كما تنوعت تلك الأزياء بين ما يناسب النزهات الصباحية، وأخرى للسهرات، ولأنه اللون المفضل في كل المواسم دعينا نلقي نظرة على أحدث إطلالات النجمات، لعلها تلهمك لاختيار إطلالتك القادمة على طريقة واحدة منهن. إطلالة نانسي عجرم ملكة البوب العربي نانسي عجرم عادت لصيحتها المفضلة في أحدث ظهور لها، من خلال اختيار موضة الجمبسوت المرصع الذي تفضله كثيرا في حفلاتها، ولم تتخل الفنانة اللبنانية عن لونها المفضل الذي رافقتها مؤخرا بكثير وهو اللون الأسود، حيث اختارت جمبسوت مرصع كليا بالت...المزيد

GMT 15:06 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

شيفروليه تطلق الجيل الجديد من سلفرادو 2019

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 23:13 2013 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أحمد السيد النجار ضيف "عشان بكرة" الجمعة

GMT 06:11 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

777 عاما عمر شجرة حمراء شهيرة في كاليفورنيا

GMT 18:09 2017 الأحد ,22 تشرين الأول / أكتوبر

كيفية مواجة النساء المطلقات ضغوط المجتمع ونظرته لهن

GMT 09:56 2012 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

كندي يفوز بالمركز الأول في مسابقة "ريد بول" الجبلية

GMT 23:28 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أسرار في أندرويد تخفى على المستخدم

GMT 21:29 2013 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

"أيسر" تُعلن عن الحاسب اللوحي "Iconia W4"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates