في «ليلة العيد» يسرا فقدت البوصلة

في «ليلة العيد».. يسرا فقدت البوصلة

في «ليلة العيد».. يسرا فقدت البوصلة

 صوت الإمارات -

في «ليلة العيد» يسرا فقدت البوصلة

بقلم -طارق الشناوي

 

عندما تملك الاختيار، وتُمسك بأصابعك كل الخيوط، والعصمة فى يدك.. يصبح الخطأ خطيئة، وهذا هو ما تعيشه يسرا الآن عبر ما تقدمه تليفزيونيًا وسينمائيًا بعد أن فقدت بوصلة الاختيار، ولا أدرى كيف!.

بديهى أن الفنان فى مشواره الفنى يخفق مرة أو مرات، إلا أنه ينبغى أولا، إذا أراد النجاة، إدراك أنه أخطأ.. ولم أستشعر بعدْ أى إخفاق أن يسرا راجعت نفسها أو لديها تلك الرغبة.

نجمة عابرة للأجيال.. لا شك فى ذلك.. صنعت علاقة محترمة مع الناس منذ منتصف السبعينيات، وظلت فى مقدمة الكادر.. حقيقة لا ينكرها منصف.. بدأت المشوار كنجمة، ولا يزال الوهج يلاحقها، صار لها حضورها الشخصى وأيضا الاجتماعى، وهو ملمح يغيب عن الكثيرين، أدركت منذ البدء أن لها دورا فى الحياة يتجاوز لوكيشن التصوير، إلا أن هناك إنذارا يهدد كل هذا النجاح، أتمنى أن تدركه فى الوقت المناسب. يسرا سحبت فى آخر عامين الكثير من رصيد صنعته بفن وإبداع قرابة نصف قرن.

سأكتفى هذه المرة بفيلمها الأخير «ليلة العيد»، تأليف أحمد عبدالله وإخراج سامح عبدالعزيز. «يسرا» هى الاسم الأكبر الذى يسبق حتى فى (التترات) عنوان الفيلم، صارت هى العنوان.

الشخصية المحورية أيضا فى الدراما، والسيناريو منحها ملامح من «زوربا»، تلك السيدة الإيجابية التى تسعى لكى تحمى الجميع وتصالحهم على الحياة، حتى وهى تعيش فى مأساة، إلا أنها حاضرة أيضا لإنقاذ الآخرين من مآسيهم.

الكاتب أحمد عبدالله والمخرج سامح عبدالعزيز قدما داخل نفس هذا القيد وللمرة الرابعة - فيلم تجرى أحداثه فى ليلة واحدة - العديد من الأعمال، التى تحاكى هذا القالب عربيا وعالميا، حيث لا تستغرق الأحداث أكثر من 24 ساعة، رأيناها مع «عبدالله» و«سامح» فى «كباريه» و«الفرح» و«الليلة الكبيرة» و«ليلة العيد»، وآخر فيلمين يشعرانك أن كلا من الكاتب والمخرج لم يعد لديهما شىء يقدمانه للجمهور، يملآن الشاشة بأى كلام.

«من المحفوظات العامة».. هكذا قرر عبدالله وسامح، وعلى طريقة «القص واللزق»، تجميع قضايا المرأة بمختلف التنويعات: زواج القاصرات، الميراث، الحق فى المتعة الجنسية، الختان، الغناء، ورفع الأثقال، الإحساس أساسا بالحياة، ينتقل المخرج من حكاية إلى أخرى، ولا ينسى أن تظل يسرا مهيمنة على كل الأحداث، بينما زوجها الرجل القعيد الذى أدى دوره سيد رجب يمارس (القوادة)، ويطلب من يسرا تلبية طلب الزبون!.

كل الموبقات تجدها فى تلك الجزيرة.. وفى رد فعل رمزى، تخرج نساء الجزيرة بقارب من الجزيرة الظالمة، بينما أهل القرية من الرجال يتابعونهن بنظراتهم المهزومة.

أعتقد- طبقًا لحالة الشاشة المتواضعة- أن التخطيط للفكرة بدأ مع مشهد النهاية.. وهكذا اختار أن تقع الأحداث فى جزيرة، إلا أنه قدم مشهدا واقعيا لهروب النساء. من السهل قطعًا أن يسبح رجال القرية فى النهر ويعيدوا مجددا النساء، أو حتى يطلقوا عليهن الرصاص.. ولهذا كان ينبغى البحث عن رؤية إخراجية أخرى تعلو على الواقع باستخدام مؤثرات صوتية وبصرية، حتى نتعايش كجمهور مع تلك الحالة ونصدقها.. بينما واقعية المشهد تغتال أى إمكانية للمصداقية.

الشريط السينمائى يراهن على إحساس سينمائى لا علاقة بلغة سينما الألفية ولا حتى ما قبلها، يبدو أنه بعيد تماما عن توجّه الجمهور، وعن الزمن الذى نعيشه، والسيناريو يقدم نفس المعلومة الدرامية أكثر من مرة، والمخرج لا يراجع ولا يركز، فهو فقط ينهى الواجب - إللى عليه - ويصور الشريط.

هل هناك من حقق مكاسب من هذا الفيلم؟

لا أتصور أن التجربة اقتصاديا ناجحة لأى طرف، الشاشة فاقدة الجذب تماما، جرعة المآسى المتعددة تكتشف أيضا من فرط تكرارها أنها باتت منفّرة للجمهور. حرص المخرج على أن تظل كل الأحداث يطبق عليها قانون السينما النظيفة بمفهومه الشعبوى، وهذا العدد الضخم من الفنانين الذين شاركوا، كلٌّ من منهم بعدد محدود من المشاهد، لا أعتقد أن أحدهم خرج منتصرا ولا حتى متعادلا من تلك الليلة التى كانت حالكة السواد على فريق العمل وعلى الجمهور القليل الذى ضل طريقه لدار العرض.

وصل الثنائى سامح عبدالعزيز وأحمد عبدالله إلى آخر ما يمكن سرده داخل تلك الأجواء الشعبية، ينبغى أن يضع كل منهما نهاية لحالة الزواج الفنى التى لم تعد تنتج إلا أجنة سينمائية مشوهة.

المنتج أحمد السبكى يحيل الاستوديو أثناء تصوير أفلامه إلى ما يشبه «سبيل أم عباس».. كل من يعدّى ويرمى السلام، يمنحه دورا.. وكأنه «كوز» تمثيل، من حق الجميع الحصول على رشفات.

«ليلة العيد» نموذج يحتذى لكل ما ينبغى تجنبه فى الحياة الفنية من فنون التمثيل والكتابة والإخراج، ولم يتبق فى الذاكرة سوى أن كل من وقف أمام الكاميرا أخذ رشفتى تمثيل من «كوز» الحاج أحمد السبكى.. وفى المقابل، عليه أن يتحمل أيضا كلمتين من كل من شاهد الفيلم!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في «ليلة العيد» يسرا فقدت البوصلة في «ليلة العيد» يسرا فقدت البوصلة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates