بقلم - عائشة سلطان
اقرؤوا الكثير من الكتب، وفي كل وقت ما استطعتم إلى ذلك سبيلاً. القراءة ليست هواية، الهواية نشاط اختياري غير ملزم، غالباً ما يقع في المنطقة الثانوية من الوقت، نمارسه حين لا يكون لدينا عمل ضروري نقوم به، وعادة ما نكون أحراراً في استبدال أي شيء آخر به، وعليه فالقراءة بهذا المعنى ليست هواية، لأن آثارها علينا وحاجتنا إليها تتجاوز الثانوي والاختياري.
القراءة تُكسبنا الكثير، تطورنا وتهذبنا، وتمنحنا مفاتيح معرفة ذواتنا والآخرين والعالم المحيط بنا، لذلك فنحن نتعلم لنقرأ، ونقرأ لنصير أفضل إنسانياً، وحين تصبح إنسانيتنا أفضل نصير أكثر استحقاقاً لمغزى وجودنا في الحياة، وتصير الحياة تجربة جديرة بالاحتفاء والعيش، «فعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة»، هذا ما نعرفه أكثر حين نقرأ، هذا ما يقوله شاعر كدرويش، وهذا ما تقوله الكتب وكل دواوين الشعر الجميلة!
اقرؤوا في كل لحظة، تجدوا أنفسكم غير منشغلين بالضرورات الحياتية، واقرؤوا حين تتراكم عليكم ضرورات الحياة، القراءة فعل إنقاذ، وحل متاح للخروج من عنق زجاجة الأزمات والضغوط كلها، ستفعلون ذلك حين تغيّرون زاوية الرؤية، حين تتعاملون مع الكتاب كعضو مكمل لأجسادكم، كاليد أو الرأس مثلاً، كالهواء أو الماء، كضرورة أساسية، وليس هواية لوقت الفراغ!
إنكم تذهبون إلى أي مكان بصحبة هواتفكم، ساعة اليد ومحفظة النقود، لا بأس إن أضفتم تفصيلة مهمة أخرى: الكتاب، لن يكلفكم كثيراً، لكنه سينجيكم من الثرثرة والبحلقة في وجوه الناس، والجلوس في أمكنة الانتظار مدججين بالملل لا تكادون تطيقون شيئاً، الكتاب سيبدو كائناً لطيفاً كقط ناعم لن يطالبكم إلا بشيء من الانتباه له!
إننا نسكب أوقاتنا في الطرقات وقاعات الانتظار هكذا بلا تأنيب ضمير، تماماً كما ينسكب أي شيء في الطريق العام بلا أدنى شعور بالخسارة، كحياة طفل دهسه سائق أرعن، كحياء صبية يتحرش بها شخص تافه، لا تسكبوا أوقاتكم مجاناً، اقرؤوا كثيراً جداً، وطويلاً جداً، ولا تخافوا من الصمت، فلا صمت مع الكتب.