إدارة بايدن والاحجية اليمنية

إدارة بايدن والاحجية اليمنية

إدارة بايدن والاحجية اليمنية

 صوت الإمارات -

إدارة بايدن والاحجية اليمنية

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

عندما تتساهل الإدارة الأميركية الجديدة مع الحوثيين (انصار الله) وتعمل على شطب هذا التنظيم من لائحة الإرهاب، لا يعود مستغربا متابعة ايران اعتداءاتها غير المباشرة على المملكة العربيّة السعودية انطلاقا من الأراضي اليمنية. هذا ما حصل أخيرا عندما وجّه الحوثيون طائرتين مسيّرتين من صنع إيراني (ابابيل – تي) لقصف مطار ابها الدولي في الجنوب السعودي. اُسقطت الطائرتان، لكنّ احداهما الحقت، بفعل ما تحمله من مواد متفجرة، اضرارا بطائرة مدنيّة كانت جاثمة في المطار.

يطرح ما حدث قبل ايّام قليلة تساؤلات عن نيّات ايران من جهة وفهم الإدارة الأميركية الجديدة للواقع اليمني وما على المحكّ في هذا البلد من جهة أخرى. ما الذي تريده ايران ولماذا كلّ هذا الإصرار على اتباع سياسة هجومية في وقت تصرّ إدارة جو بايدن على التعاطي بطريقة مختلفة مع الحوثيين؟ من الواضح ان ردود فعل الإدارة الأميركية تأتي من منطلق الرغبة في إعادة النظر في كلّ القرارات التي اتخذتها إدارة دونالد ترامب، بما في ذلك القرارات الصائبة. كان لافتا انّ وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو لم يطرح تصنيف الحوثيين "جماعة إرهابية" الّا قبل أسبوعين من نهاية ولاية ترامب. قد يدلّ ذلك على غياب الجدّية في الذهاب بعيدا في اخذ موقف مما يدور في اليمن، علما ان تسلسل الاحداث واضح كلّ الوضوح، اقلّه منذ استيلاء الحوثيين على صنعاء في 21ايلول – سبتمبر 2014.

ما هو مستغرب اكثر من ذلك كلّه اندفاع ايران في انتهاج سياسة عدوانية انطلاقا من اليمن وداخل اليمن نفيه في وقت يبحث مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث، وهو بريطاني، في كيفية مشاركتها في أي تسوية تحدّد مستقبل اليمن، بما في ذلك مستقبل ميناء الحديدة الذي يهمّ البريطانيين كثيرا.

زار غريفيث طهران لهذا الغرض وعقد محادثات مع مسؤولين إيرانيين تناولت عمليا كيفية انهاء الحرب الدائرة في اليمن. فعل ذلك نظرا الى معرفته الجيّدة بانّ ايران جزء لا يتجزّأ من تلك الحرب... ونظرا الى معرفته بانّ الحوثيين ليسوا في نهاية المطاف سوى أداة من ادواتها الإقليمية.

لا تفسير للتصرّف الإيراني سوى الرغبة في اظهار ان "الجمهورية الاسلاميّة" تمتلك أوراقا كثيرة في المنطقة وهي تتعاطى مع الإدارة الأميركية، الراغبة في العودة الى الاتفاق في شأن ملفّها النووي، من موقع قوّة. تريد ايران القول ان شروطها هي تلك التي يجب اعتمادها مع ما يعنيه ذلك من رفض لاي إعادة نظر في الاتفاق النووي الموقّع صيف العام 2015 في عهد باراك أوباما والذي مزّقه دونالد ترامب في العام 2018. من خلال اليمن والعراق وسوريا ولبنان، توجّه ايران رسالة الى الإدارة الأميركية الجديدة. فحوى الرسالة انّ الوقت يعمل لمصلحتها وليس لمصلحة الاستقرار الإقليمي. اذا كانت إدارة بايدن راغبة في الاستقرار، عليها القبول بالشروط الإيرانية. كلّ ما يهمّ ايران هو المسارعة في رفع العقوبات الأميركية وتفادي أي بحث في صواريخها الباليستية والمجنّحة او سلوكها خارج حدودها. عندما تتصرّف ايران بالطريقة التي تتصرّف بها، فهي تكشف نقاط ضعفها الكثيرة. في مقدّم نقاط الضعف هذه انّ العقوبات الأميركية التي فرضتها إدارة ترامب انهكت اقتصادها وان ليس صحيحا ما تدعيه انّها قادرة على ممارسة لعبة الوقت وما تسمّيه "الصبر الاستراتيجي". تكشف هجومية ايران ضعفها لا اكثر في ظلّ إدارة أميركية راغبة في العودة الى الاتفاق في شأن ملفّها النووي، لكنها قادرة في الوقت ذاته على الانتظار... كما انّها مصرّة على توسيع هذا الاتفاق ليشمل امورا أخرى من بينها الصواريخ والسلوك الإيراني في المنطقة.

في كلّ الأحوال، ان الهجمة الحوثية الأخيرة على مطار ابها يمكن ان تدفع إدارة بايدن الى رؤية الوضع اليمني من زاوية مختلفة تأخذ في الاعتبار انّ الموضوع لا يمكن النظر اليه بالأسود والأبيض. هناك احجية يمنية لا بدّ من السعي الى فكّها بدءا بالاعتراف بانّ "عاصفة الحزم" التي شنّها التحالف العربي انطلاقا من آذار – مارس 2015 كانت ردّا على تموضع عسكري إيراني في شمال اليمن. فبعد وضع "انصار الله" يدهم على صنعاء، رفض هؤلاء ايّ شراكة مع أي طرف آخر بدءا بـ"الشرعية" ممثلة بالرئيس الموقت عبد ربّه منصور هادي. مباشرة بعد دخول الحوثيين الى العاصمة اليمنية، وقّع عبد ربّه معهم "اتفاق السلم والشراكة" بحضور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، وقتذاك، جمال بنعمر. لم تمض ايّام الّا ووضع "انصار الله" الرئيس الموقت بالإقامة الجبرية واجبروه على الاستقالة وفتحوا خطّا مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي لم يكن يثق بهم باي شكل. ما لبثوا ان اعدموا الرئيس السابق في أواخر 2017 بدم بارد بعدما اعتبروا انّ لديهم حسابا قديما يريدون تصفيته معه.

من المفترض النظر الى اليمن بعينين ثاقبتين بعيدا عن عقدة اسمها إدارة ترامب. كلّ ما في الامر انّ ايران تستغلّ الفراغ في اليمن، وهو فراغ ناجم عن وجود "شرعيّة" فاشلة وعاجزة لتكريس وجودها في هذا البلد وخلق جبهة تهدّد منها المملكة العربيّة السعودية وكلّ دولة من دول الخليج العربي.

بكلام أوضح، ثمّة حاجة الى إعادة تقويم أميركية لسياسة الإدارة في اليمن وغير اليمن. لا بدّ لمثل هذا التقويم ان يأخذ في الاعتبار ان البحث عن صيغة جديدة تكون اطارا لتسوية لن يحصل غدا في غياب إعادة تشكيل لـ"الشرعية" اوّلا وفي غياب رغبة إيران في التخلي عن العدوانية التي تمارسها عن طريق الحوثيين. هؤلاء مكوّن يمني موجود على ارض الواقع ولا يمكن الغاءهم بايّ شكل. لكنهم تحولوا أخيرا الى أصحاب مشروع دولة او كيان سياسي يكون قاعدة إيرانية في شبه الجزيرة العربيّة. هل هذا ما تريده إدارة بايدن... ام ستقدم على إعادة نظر في سياستها اليمنية قبل فوات الأوان؟

مرّة أخرى تحوّل اليمن الى مجموعة احجية لا تستطيع إدارة أميركية، أي إدارة أميركية، اعتماد سياسة تبسيطية تجاهها، تقوم على قول الشيء وضدّه في الوقت ذاته. ثمّة حاجة الى التمهّل والتروّي. يعني التمهّل والتروّي طرح أسئلة بديهية من نوع لماذا إصرار ايران، اذا كانت تبحث بالفعل عن تسوية في اليمن، على اطلاق صواريخ وتوجيه طائرات مسيّرة، بواسطة الحوثيين في اتجاه الأراضي السعودية في هذا التوقيت بالذات؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدارة بايدن والاحجية اليمنية إدارة بايدن والاحجية اليمنية



GMT 02:01 2021 الجمعة ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ما يجب ألا ننساه في صخب مؤتمر أربيل!

GMT 01:59 2021 الجمعة ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لا النظام ولا الدستور

GMT 01:58 2021 الجمعة ,01 تشرين الأول / أكتوبر

... يستبقون الحرب على الصين بتطويقها بحرياً!

GMT 01:58 2021 الجمعة ,01 تشرين الأول / أكتوبر

وعد الحر دين عليه

GMT 01:57 2021 الجمعة ,01 تشرين الأول / أكتوبر

الخلاف حول اليمن

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates