بقلم: عمرو الشوبكي
مثل فوز بايدن تحولا كبيرا فى السياسة الداخلية والخارجية والأمريكية ليس لأنه رجل قادم من خارج صندوق السياسة الأمريكية إنما لأن سلفه ترامب كان من السوء بحيث جعل انتخاب أى رئيس بعده سواء كان ديمقراطيا أو جمهوريا يعتبر إنجازا كبيرا لأمريكا والعالم والإنسانية.
والمؤكد أن إدارة بايدن ستعيد أمورا كثيرة لأوضاعها الطبيعية مثل التحالف والشراكة الاستراتيجية مع أوروبا وسيجد الرئيس الأمريكى نظراء يشبهونه مثل الرئيس الفرنسى والمستشارة الألمانية بعد أن تعب معظم زعماء أوروبا من التعامل مع ترامب بمن فيهم قادة اليمين المتطرف.
أما فى العالم العربى وفى القلب منه مصر فإن الإدارة الجديدة لن تتبنى سياسات محورها دعم الإخوان، حتى لو هنأ بايدن يوميا كل أعضاء الجماعة، لأن أمريكا كما هى العادة ستنطلق من الواقع ومن توازنات القوة فيه وأن ورقة الإخوان لن تكون مطروحة باعتبارها تيارا ينازع على السلطة، مثلما جرى فى 2013، إنما باعتبارها قضية حقوقية وهو المدخل الوحيد الذى ينفذ منه الإخوان للتأثير فى بعض الأوساط الغربية.
والحقيقة أن مراجعة مصر لجوانب سلبية كثيرة فى ملفها الحقوقى أمر يجب أن يوضع بعين الاعتبار ليس خوفا من الإخوان ولا من أجل الإدارة الأمريكية الجديدة إنما لصالح مصر والمصريين ولصالح تقدم الشعب والحفاظ على كرامته وإصلاح الدولة.
إن تصوير بادين على أنه جزء من مشروع الإخوان هو نوع من الخرافة ويعطيهم قوة أكبر بكثير من حقيقتهم، كما أنه يضر بصورة البلد خاصة مع وجود أطراف داخل الإدارة الجديدة سينطلق تقييمها على ضوء الأوضاع الحالية وليس اجترار رواية الإخوان.
أما الملف الذى يتجاهله الكثيرون، وهو ملف مصر الوجودى، أى سد النهضة فإنه سيعتبر أكبر تحد سيواجه مصر مع الإدارة الجديدة، فقد اعتمد بادين فى نجاحه على أصوات الأمريكيين من أصول إفريقية، وهى بيئة تحمل تعاطفا تلقائيا مع إثيوبيا.
وقد حاول كثير من القادة الأمريكيين من أصول إفريقية وإثيوبية استثمار تصاعد حركات الدعم العالمى لحقوق السود فى أمريكا وأوروبا لوضع مصر فى نفس كفة من يقمعونهم ويقضون على آمالهم فى التنمية، خاصة أن هذه الحركات لم تقتصر فقط على محاربة العنصرية إنما تحدثت عن تهميش الأفارقة وضعف الرعاية الصحية وارتفاع نسب الفقر والبطالة بينهم، وتحاول أن تربط بين بناء السد والقضاء على هذه الأوضاع فى إثيوبيا كنموذج «ملهم» للأفارقة.
فى ظل رئيس يعتبر الأفارقة الأمريكيين السبب الرئيسى لوصوله للسلطة وقال: «سأدعمكم كما دعمتمونى»، وفى ظل حضور أمريكيين من أصول إثيوبية داخل الدوائر القريبة من بايدن فإن التعاطف مع الرواية الإثيوبية سيكون حاضرا لدى الإدارة الجديدة.
تحتاج مصر إلى عمل جاد مع الإدارة الجديدة يشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والإعلامية بعيدا عن شعارات ترفع، وضجيج بلا طحن.