بقلم - أسامة الرنتيسي
السلوك السياسي الشفاف الذي لا تعترف به النخب السياسية الأردنية التي تتبوأ المناصب الرسمية والتنفيذية طوال عشرات السنوات مع تغير الحكومات الأردنية، هو الاعتراف بارتكاب الخطأ، والاعتذار للمواطنين عن ارتكابه، والاستئذان بقبول الاستقالة نوعا من الاعتراف بالخطأ الذي مارســــه ذلك المــــسؤول.
في دول العالم المتحــــضر نقرأ دائمًا عن مســـــــؤولين في مواقـــــــــع متقدمة، يقدمون استقالاتهم مباشرة اذا وقع خطأ ما في المساحات التي تقع ضمن اختصاص عملهم، حتى لو كان خطأ بشريًا من قِبَل أحد الموظفين ضمن ولاية عمله، لكننا لا نسمع عن مسؤول او وزير عربي يقدم استقالته كعقاب ضميري عن وقوع خطأ ما ضمن مسؤوليات عمله.
الأردنيون جميعا متأكدون أن تقصيرا ما وقع في ضبط الحدود خاصة حدود جابر، وأن تجاوزات وتأخير غير مبرر من قبل وزارات اختلفت على كلفة الكهرباء مسؤولية من في مراكز حجر القادمين، وضاعت الطاسة بين وزارات الصحة والنقل والداخلية، فوقعت الكارثة وبدأنا مرحلة جديدة من انتشار الكورونا كانت في أوجها اليوم الأربعاء حيث بلغت الحالات 43 محلية…، فمن يتحمل المسؤولية الأن؟.
أما ما أعلنت عنه لجنة “حكومة النهضة” حول تسمم عين الباشا فهو يستحق ليس فقط تقديم الحكومة استقالتها فورا، بل محاسبتها على التقصير، فماذا يعني ان تُعلن الحكومة في تقرير لجنة تسممات عين الباشا: مشكلة في تطبيق التشريعات المتعلقة بالغذاء وبعدد المفتشين، يا سلام اكتشاف عبقري بعد اسبوعين من تشكيل اللجنة.
في الأيام الماضية، كان الحديث الأبرز على ألسن النخب السياسية، ليس عن التغييرات المتوقعة في الطبقات العليا، بل عن موعدها فقط، حيث حُسم الأمر، بان العلاج الوحيد لوقف الروايات الشعبية التي لا تثق أبدًا بالروايات الرسمية، القيام بحملة تطهير وتغييرات في المواقع العليا كنوع من العقاب الجماعي، قد يصل إلى إقالة الحكومة، وترحيل البرلمان، وتغييرات في مواقع قيادية والإعلان عن حكومة جديدة تستطيع ان تتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع مؤخرا.
ماذا كان يُضير الحكومة لو تقدمت بخطاب اعتراف عن ســـــوء إدارة مراكز الحدود والخطأ في التقدير؟
وكيف سيكون الاستقبال الشعبي لو تطور هذا الاعتراف الى تقديم اعتذار من الشعب الأردني عن هذا الخطأ غير المقصود، بدلًا من خطاب التهديد والوعيد بحق كل من لا يرتدي كمامة، وكأن المواطن سبب الفشل الحكومي؟.
كم سنسجّل نقاطًا إيجابية في مسيرة الاصلاح الشامل لو قدمت الحكومة استقالتها بسبب عدم قدرتها على إدارة أحداث محلية وصلت الى مرحلة أزمة الثقة بين المواطن وحكومته.
وزير الإعلام أمجد العضايلة يقول في المؤتمر الصحافي:
“الحكومة تتعامل بشفافيّة مطلقة مع كلّ قضيّة من شأنها إثارة الرأي العام، ولدينا الجرأة الكاملة للكشف عن مواضع الخلل والتقصير إن وجدت من دون مواربة، وأن نحاسب المقصّرين أيّا كانوا وهذا ما يوجّهنا إليه جلالة الملك…”.
هل يتجرأ الوزراء الذين حضروا حفل زواج ابن زميلهم وزير العدل الاعتراف بذلك وأنهم خالفوا أوامر الدفاع…
الدايم الله….