معركة مصطفى الكاظمي لاسترداد الدولة

معركة مصطفى الكاظمي لاسترداد الدولة

معركة مصطفى الكاظمي لاسترداد الدولة

 صوت الإمارات -

معركة مصطفى الكاظمي لاسترداد الدولة

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

تدخل حكومة مصطفى الكاظمي ويدخل معها العراق منعطفا في غاية الاهمّية في ضوء المواجهة القائمة مع ميليشيات تابعة لإيران تريد ان تكون دولة داخل الدولة العراقية وتحويل العراق "ساحة" مواجهة أميركية – إيرانية.

من الواضح انّ الكاظمي الذي شكّل حكومته في السابع من ايّار – مايو الماضي يعرف تماما ماذا يعني ان يكون العراق مجرّد "ساحة"، على غرار ما هو عليه لبنان الذي بات مصيره على المحكّ وفي مهبّ الريح. انّه يمارس في الوقت الحاضر لعبة كبيرة لا يتوقّف عليها مستقبله السياسي فحسب، بل يتوقّف عليها ايضا مستقبل العراق وموقعه في المنطقة اوّلا.

ليس اعتقال جهاز مكافحة الإرهاب العراقي 13 عنصرا من "كتائب حزب الله" في الدورة، جنوب بغداد، سوى إشارة الى نية حكومة الكاظمي ان تكون السلطة الوحيدة في البلد. اعتقل الجهاز هؤلاء، وهم ينتمون الى ميليشيا تابعة لإيران، فيما كان يحاولون اطلاق صواريخ في اتجاه اهداف أميركية. جرت العادة في الأشهر الثمانية الأخيرة ان تطلق ميليشيات من نوع "كتائب حزب الله" صواريخ تلبية لرغبات إيرانية. تفعل ذلك من اجل ان تؤكّد "الجمهورية الإسلامية" انّها تستطيع التحرّك بحرّية في العراق وان لا عودة عن المكاسب التي حققتها منذ سلمتها إدارة جورج بوش الابن العراق على صحن من فضّة في نيسان – ابريل من العام 2003.

سيتبيّن في الأسابيع المقبلة الى ايّ حدّ تغيّر العراق والى ايّ حدّ يستطيع مصطفى الكاظمي ان يكون رجل التغيير في بلد وصل فيه النظام القائم منذ العام 2003 الى طريق مسدود. يمرّ العراق حاليا في امتحان مهمّ يتجاوز شخص مصطفى الكاظمي ومستقبله السياسي.

ما يدعو الى التفاؤل الحذر بقدرة العراق على ان يكون بلدا طبيعيا البيان الصادر عمّا يسمّى "قيادة العمليات المشتركة" التي تمثّل في واقع الحال المؤسسة العسكرية، خصوصا جهاز مكافحة الإرهاب الذي على رأسه الضابط المحترف عبد الوهاب الساعدي الذي ازاحه عادل عبد المهدي واعاده الكاظمي الى الموقع الاوّل في هذا الجهاز. تبنّت "قيادة العمليات المشتركة" اعتقال عناصر "كتائب حزب الله". هذا يشير الى استعداد المؤسسة العسكرية لتغطية حكومة الكاظمي وتحرّكها الهادف الى ان تكون المؤسسة العسكرية الجهة الوحيدة التي تمتلك شرعية حمل السلاح في العراق. هذا يتعارض كلّيا مع التوجّه الإيراني الذي يقوم على تكوين نظام عراقي الغلبة فيه للميليشيات التي يسيطر عليها والتي تعمل حاليا تحت عنوان عريض اسمه "الحشد الشعبي".

تشير التطورات الأخيرة، على الرغم من التهديدات التي وجهتها "كتائب حزب الله" الى الكاظمي وسعيها الى التمركز داخل "المنطقة الخضراء" في بغداد، الى انّ تعديلا طرأ على موازين القوى في الداخل العراقي. يكشف هذا التعديل عجزا لدى الميليشيات التابعة لإيران كي تكون صاحبة الكلمة الأخيرة في العراق. يؤكّد هذا العجز الاهمّية التي كانت لقاسم سليماني الذي شغل موقع قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني قبل ان يغتاله الاميركيون في الثالث من كانون الثاني – يناير الماضي بعيد وصوله الى مطار بغداد في رحلة من دمشق. لم يعد لدى ايران رجلها في العراق. تعكس ذلك حال الضياع التي يعاني منها الإيرانيون في العراق. فقدت ايران عمليا قاسم سليماني الذي كان يعرف البلد عن ظهر قلب ويعرف خصوصا كيف التأسيس خطوة خطوة لنظام عراقي يكون نسخة عن النظام الإيراني حيث يلعب "الحرس الثوري" الدور الاوّل في إدارة البلد وتحديد سياساته داخليا وخارجيا.

الأكيد ان غياب قاسم سليماني ومعه أبو مهدي المهندس، نائب قائد "الحشد الشعبي" والرجل القويّ فيه، لم يكن العامل الوحيد وراء تراجع المشروع الإيراني في العراق. لا يمكن تجاهل العقوبات الأميركية التي جعلت "الجمهورية الإسلامية" تدرك انّ أي مشروع توسّعي يحتاج الى موارد. لم يعد في الإمكان الاكتفاء بالرهان على اثارة الغرائز المذهبية كي تبقى ايران في العراق بالصورة التي كانت في الماضي وكي تعمل في المنطقة على إقامة أنظمة شبيهة بـ"الجمهورية الإسلامية" حيث الدور الاوّل لـ"الحرس الثوري".

ثمّة من يعتقد ان مصطفى الكاظمي لا يمكن ان يذهب بعيدا في محاولة السيطرة على الميليشيات المذهبية وتقليص دورها. لكنّ ما يشير الى انّه لا يمكن الّا ان يسير في اتجاه تأكيد سلطة الدولة العراقية غياب ايّ خيار آخر امامه. لديه حاجة الى تحقيق انتصار في هذا الاتجاه الذي يصبّ في إعادة الحياة الى مؤسسات الدولة بما يؤكد ان العراق هو العراق وايران هي ايران.

لماذا لا خيار آخر امامه؟ هذا عائد الى انّ سوء الوضع الاقتصادي العراقي لا يترك لمصطفى الكاظمي، في حال يريد تفادي سقوط حكومته واسكات الشارع، سوى تحقيق انتصار في مكان آخر. مثل هذا الانتصار لا يكون سوى بإعادة الحياة الى الدولة ومؤسساتها الشرعية بدل ان يكون العراق دولة الميليشيات التابعة لإيران.

مثل هذا الانتصار يمكن ان يعوّض للعراقيين الفشل على كلّ المستويات، وهو فشل مستمر منذ العام 2003. في أساس هذا الفشل ترك ايران تسرح وتمرح في العراق من جهة وغياب أي تنمية من ايّ نوع من جهة أخرى. بقي العراق اسير سعر النفط على الرغم من انّه بلد غنيّ بكل المقاييس. لم يبق عراقي يمتلك مؤهلات حقيقية في العراق. لم يبق في العراق وفي السلطة سوى مجموعة من الفاسدين اضاعوا مئات مليارات الدولارات في مشاريع وهمية لم يكن لها أي تأثير في مجال تحسين الوضع المعيشي.

الثابت انّ معركة مصطفى الكاظمي من اجل استرداد الدولة العراقية لن تكون سهلة على الرغم من الدعم الأميركي وعلى الرغم من دخول حكومته في مفاوضات استراتيجية مع الولايات المتحدة في شأن مستقبل وجودها في العراق. ستقاتل ايران بكل ما بقي لديها من إمكانات كي تبقى في العراق، خصوصا ان النظام فيها يعرف ان مستقبله مرتبط الى حدّ كبير بإمكان تصدير ثورته الى خارج حدوده... الى العراق تحديدا.

ما لا يمكن تجاهله ان العراق كان البلد الاوّل الذي استهدفته ايران بعد نجاح آية الله الخميني في إقامة نظام "الجمهورية الإسلامية" فيها في العام 1979. هذا ما يفترض الّا يغيب عن بال مصطفى الكاظمي في ايّ لحظة!  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة مصطفى الكاظمي لاسترداد الدولة معركة مصطفى الكاظمي لاسترداد الدولة



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates