بقلم - منى بوسمرة
ما تقدمه الإمارات من دعم غير محدود للسودان، ظل تاريخياً، ركناً أساسياً في تمكين هذا البلد الشقيق وشعبه من الاستقرار ومواصلة مسار التنمية، وهذا الدعم، في وقت الأزمات، كما في وقت السلم، هو نهج إماراتي ثابت ميز الإمارات في تعاملها مع مختلف قضايا الأشقاء العرب، ليس فقط في تقديم العون التنموي والإغاثي، وإنما في الدرجة الأولى في بذل كل جهد ممكن لضمان الاستقرار وتحقيق السلام والأمن في جميع الدول، إيماناً منها بأن السلام هو الطريق الوحيد نحو التنمية والازدهار.
جهود كبيرة ودؤوبة بذلتها الإمارات طوال شهور، مهدت من خلالها أرضية صالحة للحوار بين الحكومة الانتقالية في السودان والجماعات المسلحة، وبما قدمته الدولة من رعاية مضاعفة، أثمر هذا الحوار اتفاق سلام تاريخياً تم توقيعه في جوبا عاصمة جنوب السودان في 18 أكتوبر الماضي، وهو الاتفاق الذي أنهى نزاعاً طويلاً مع المسلحين بعد استقلال جنوب السودان في عام 2011.
وقفة الإمارات التاريخية، كعادتها، مع السودان الشقيق، صنعت حدثاً فارقاً في تاريخه لطيّ دوامة من الحروب التي امتدت سنوات طويلة، وتدشين مرحلة جديدة من السلام والاستقرار والتنمية، وجاء هذا الاتفاق نتاج الهدف النبيل والعمل المخلص الذي بذلت من خلاله الإمارات جهوداً استثنائية في تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف المشاركة في عملية التفاوض، وتقديم كافة التسهيلات والضمانات، والعمل بشراكة فاعلة مع قادة جمهوريتي السودان وجنوب السودان، لمواجهة التحديات التي تفرضها المفاوضات، ما أفضى في نهاية المطاف للوصول إلى هذا الاتفاق التاريخي.
مكاسب السودان وشعبه من هذا الاتفاق ستكون عظيمة، وربما يأتي في مقدمتها التفات الحكومة والشعب إلى مسار التنمية بمختلف ملفاته الاقتصادية والإنتاجية والزراعية وكذلك الاجتماعية، فوضع السلاح جانباً والابتعاد عن الاحتراب، في مناطق تعتبر حيوية للعملية الاقتصادية، هو أمر غاية في الأهمية، إضافة إلى ما يمثله هذا الاتفاق، بحجمه الوازن مع عدد مهم من الجماعات المسلحة، من قفزة كبيرة تبشر بسلام شامل، يحقق من خلاله الشعب السوداني الشقيق أحلامه وطموحاته.
وفي سبيل أن ينعم الأهل في السودان بتحقيق كل هذه الطموحات، ستظل الإمارات بمواقفها الثابتة، السند والعضيد، في تمكين الأشقاء، وتقديم الدعم الكامل لتعزيز قدرات الحكومة الانتقالية في مواجهة أي تحديات، وهذا ما ظهر بوضوح خلال المرحلة الانتقالية التي يمر بها السودان، إذ سارعت الإمارات لتقديم المزيد من الدعم، بما يحقق الأمن والاستقرار، ويؤمّن دفع عجلة التنمية الاقتصادية، وكذلك الدعم الكبير في مواجهة تبعات جائحة «كورونا» وكارثة الفيضانات.
الإمارات تأمل، من خلال مواصلتها هذا الدعم، أن تصنع مزيداً من الفارق في حياة الشعب السوداني الشقيق، وتحقيق منعطفات تاريخية مهمة تمنح السودان الأمل والثقة في المستقبل.