بقلم - عائشة سلطان
تعليقاً على مقال كتبته منذ يومين، تساءلت إحدى القارئات: «أتُرانا جميعاً نتغير ونتأثر بما نقرأ؟»، وطبعاً ليس لدي الجواب على هكذا سؤال كبير، ويحتاج إلى تحليل وتفسير وكثير من الأسئلة والبحث، فلكي تعرف أنك تغيرت بفعل الكتب التي قرأتها عليك أن تلاحظ سلوكك، وتطور قراءتك وتتأمل جيداً كيف تغيرت الزوايا التي تنظر من خلالها لما تقرأ، وكذلك تنظر جيداً للكتب التي تقرؤها، ألا تزال هي نفسها تلك الكتب التي بدأت بها منذ عدة سنوات؟
كثيرون لا يحتملون قراءة بعض الكتب، فيلقونها بعيداً، مدعين بأنهم لم يفهموا منها شيئاً، ذلك أننا لا نترك الكتب لأنها تافهة دائماً، فالكتب القيِّمة كذلك يمكن أن تدفعنا للخلاص منها إذا لم ننتقل بفعل المواظبة والقراءة الدؤوبة من كوننا قراءً عاديين كما سمَّتهم الإنجليزية فرجينيا وولف في كتابها «القارئ العادي» إلى قراء نابهين.
تلك النقلة تعد حاسمة في مسيرة القارئ الحقيقي الذي يقرأ ليتغير، ويبحث عن المعنى لا عن المعلومة البعيدة عن الدقة، لذلك نسأل الذين يقرؤون مجدداً: ألا تزالون تبحثون عن الرومانسية والسذاجة فيما تقرؤون، وعن المعنى السهل والمفاهيم الواضحة المتاحة أمامكم، أم أن شيئاً حقيقياً وملموساً قد تغير فيكم، وفي نوعية الكتب التي أصبحتم تبحثون عنها على رفوف المكتبات، وفي محال الكتب القديمة، وحتى على بسطات الكتب في شوارع المدن القارئة؟
ونسأل كذلك: ألا تزالون تتعاملون مع القراءة كما تتعاملون مع مكملات الحياة الاستهلاكية التي تمنح الإنسان ذاك الشعور بالوجاهة والفخامة، كالسيارة الفارهة وقطع الملابس الغالية؟ أم أن أسئلة كبيرة قد سرَّبتها القراءات إلى عقولكم وأرواحكم وبدأت تؤرقكم وتدفعكم لتغيير مواقف وسلوكيات كثيرة، ما عادت أو ما عدتم تشعرون بأنها تتناسب ووعيكم الذي نما وتغير مع كل كتاب مختلف تقرؤونه؟.