لماذا انسحبت قطر من القمة

لماذا انسحبت قطر من القمة؟

لماذا انسحبت قطر من القمة؟

 صوت الإمارات -

لماذا انسحبت قطر من القمة

بقلم - عماد الدين أديب

فى مشهد دراماتيكى غير مسبوق غادر سمو الأمير تميم أمير قطر القمة العربية فى تونس بعد أقل من ساعة من انعقادها.

وجاء فى بيان عاجل بعدها على وكالة الأنباء القطرية الرسمية أن سموه غادر الجلسة إلى المطار.

وفى تسريبات متعمدة من وسائل إعلام صديقة وموالية للدوحة جاء أن سبب انسحاب الأمير هو احتجاجه على الهجوم الصريح والضمنى على الدور التركى فى المنطقة.

ومما لا شك فيه أن العامين الماضيين أظهرا بشكل لافت ومباشر مدى طبيعة العلاقة العضوية الكاملة بين الدوحة وأنقرة.

كان الأمير تميم أول من بادر بعد دقائق معدودة بالاتصال الهاتفى بصديقه وحليفه رجب طيب أردوغان عقب المحاولة الانقلابية ضده.

وكان سموه أيضاً أول الواصلين إلى تركيا لإظهار التأييد الشخصى لحليفه أردوغان.

وكان سموه أيضاً صاحب مبادرة منح 15 مليار دولار أمريكى كحزمة مساعدات واستثمارات وودائع قطرية لدعم الاقتصاد التركى.

فى المقابل كانت قوات أمنية تركية من قوات النخبة المختارة هى أول من وصل إلى الدوحة عقب الخلاف بين دول التحالف العربى وقطر كدعم صريح ومباشر للنظام القطرى، وقامت بالتموضع فى أماكن مركزية واستراتيجية للقصور الملكية والأماكن الأمنية الأساسية خوفاً من حدوث أى تحركات داخلية أو لتبديد ذعر بعض الدوائر من «غزو خليجى للبلاد».

وكانت وما زالت البضائع والسلع الغذائية التركية والبضائع الإيرانية هى المصدر الرئيسى للمتاجر وللمخازن القطرية عقب إجراءات توقف الصادرات السعودية الإماراتية البحرينية لقطر.

إذن، نحن نتحدث عن علاقة عضوية من ناحية المصالح: الأمنية، التجارية، المالية بين البلدين.

يضاف لذلك تنامى العلاقات الشخصية بين سمو الأمير والرئيس أردوغان إنسانياً وعائلياً.

ويأتى المشترك الأكبر الجامع بين الطرفين وهو إيمان كل منهما بدور جماعة الإخوان المسلمين إقليمياً وعالمياً وضرورة دعمها حتى الموت ومهما كلف الأمر.

لذلك ليس غريباً أن تكون الدوحة وأنقرة هما عاصمتى الارتكاز لقيادات ونشاطات وإعلام وأموال واستثمارات التنظيم الدولى لجماعة الإخوان.

وليس غريباً أن يكون هذا الدعم مقابل أن تقوم الجماعة بدور تحطيم «نظام الدولة الوطنية» العربية فى كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين وسوريا وفلسطين.

هذه المقدمة كان لا بد منها لتفسير وتبرير هذه الغضبة والانتفاضة القطرية ممثلة بأعلى رأس فى الدولة من أجل دعم الحليف التركى.

إذن، فليكن، إذا أرادت قطر أن تتحالف مع تركيا، فهى مثلها مثل أى دولة فى العالم، من حقها أن تتخذ القرارات السيادية التى تراها فى التحالف أو المقاطعة مع من تريد، بالطريقة التى تريد، للأسباب التى تريدها.

ولكن إذا أرادت ذلك، كما هو واضح، فعليها أن تعلم تبعات هذا الخيار الاستراتيجى الذى يمكن أن تكون له التداعيات التالية:

1- اختيار قطر للتحالف الأمنى مع أعداء دول المنطقة مثل إيران وتركيا وداعش وجبهة النصرة يجعلها خارج الحاضنة العربية خاصة مع دول مجلس التعاون الخليجى.

2- لا يمكن لقطر أن تكون عضواً أساسياً فى دول مجلس التعاون الخليجى وتحضر اجتماعاته العلنية والسرية وهى حليفة أساسية -فى الوقت ذاته- مع طهران وأنقرة فهذه معادلة مستحيلة.

3- عندما تشكو قطر لسمو الشيخ صباح، أمير دولة الكويت، من أن هناك مؤامرة سعودية إماراتية مصرية بحرينية لمقاطعتها وحصارها، فهى فى حقيقة الأمر تكذب كذباً بواحاً لأن الجميع لديه الدلائل القاطعة بالصوت والصورة والوثائق على أنها ما زالت حتى كتابة هذه السطور تدعم وتمول كل عمليات تخريب وتشويه هذه الدول.

ذلك كله يجعل فكرة المصالحة نوعاً من الجنون أو الأوهام الهستيرية.

4- حينما يصبح الأمير محمد بن سلمان، والرئيس عبدالفتاح السيسى، والشيخ محمد بن زايد، والملك حمد، هم الأعداء الشخصيين للنظامين القطرى والتركى ويتم إنفاق المليارات وبذل كل الجهود وتجنيد كل الوسائل الإعلامية العميلة للاغتيال المعنوى لهم وتشويه صورهم بالباطل، تصبح المعركة «شيطانية شريرة» تتجاوز أى خلاف موضوعى أو تناقض سياسى، ورغم ذلك يتهم مولود أوغلو كلاً من السعودية والإمارات بالتآمر على انهيار الاقتصاد التركى.

نحن ندرك عصبية وتوتر موقف كل من قطر وتركيا الآن للأسباب التالية:

1- تحسن أداء اقتصادات الإمارات ومصر والسعودية والبحرين فى الآونة الأخيرة وفشل الرهان على انهيارها أو ضعفها.

2- نجاح السعودية فى تجاوز التداعيات الأولية لأزمة خاشقجى، وصمود الأمير محمد بن سلمان صمود الرجال وعدم قبوله بلعبة الابتزاز التركى ضده.

3- تدنى وضع الاقتصاد القطرى فى العام الأخير وفتح ملف الفيفا للفساد الذى أقدمت عليه قطر فى الحصول على استضافة كأس العالم.

4- سقوط أنصار قطر وتركيا داخل الساحة السورية.

5- تدنى سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكى حتى وصل إلى 5٫53 ليرة مقابل الدولار، وفقدان العملة التركية لـ40٪ من قيمتها فى عام وارتفاع مستوى التضخم لـ10٪ وتوقع «كومرتز بنك» فى تقرير رسمى حدوث أزمة نقدية عاجلة.

6- آخر الابتلاءات التى أصابت تركيا هى خسارة أردوغان لأول مرة هو وحزبه منذ عام 2003 القاعدة الانتخابية فى الانتخابات المحلية أمس الأول بحيث خسر حزبه مقاعد أساسية فى أنقرة وأزمير وأنطاليا، وأيضاً عند كتابة هذه السطور يقال إنه خسر حتى فى إسطنبول أمام مرشح المعارضة رغم أن مرشح الحزب الحاكم هو رئيس الوزراء!!.

6- اعتراف أردوغان -ولأول مرة- أن هناك مكامن ضعف فى حزبه وأنه سيبدأ من صبيحة اليوم التالى معالجتها.

7- وقوع أردوغان فى مأزق مع واشنطن لسبب رغبته فى شراء صواريخ «إس 400» الروسية مما سيضعه فى القائمة السوداء مع الأمريكيين.

لذلك مما سبق نفهم توتر التحالف القطرى التركى وعصبيته وتصرفاته الغاضبة فى القمة العربية.

هذا كله يجعلنا نطرح السؤال: لماذا لا تنسحب قطر من دول مجلس التعاون، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامى، وتنضم صراحة إلى مشروع «الخلافة العثمانية الجديدة» بجناحيها: السياسى فى جماعة «الإخوان»، والعسكرى فى «داعش»؟!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا انسحبت قطر من القمة لماذا انسحبت قطر من القمة



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates