لا تشبه إلّا نفسها

لا تشبه إلّا نفسها!

لا تشبه إلّا نفسها!

 صوت الإمارات -

لا تشبه إلّا نفسها

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

صباحاً، بدّلت موضوع مقال اليوم إلى آخر، وهذا بفضل الناقد النشيط عادل الأسطة، وهو مقيم في نابلس، والطبيب رياض عوض، وهو مقيم في غزة. كتب الأول على «الفيسبوك»: «نحن في الطريق إلى جنوب أفريقيا»، والثاني كتب: من عادة الفلسطينيين القفز من مشروع لآخر، عندما يشعرون بتعسّر مشروعهم.
حسناً، قبل انطلاقة كفاحهم المسلح، زار أبو جهاد فيتنام الشمالية، فسأله الجنرال الأسطوري فو نغوين جياب، بعد نظرة إلى خارطة المنطقة: هل هنا ستفجرون ثورة؟ هذه ستكون ثورة المستحيل في منطقة آبار النفط. من سيدعمكم كما تدعمنا الصين والاتحاد السوفياتي. في النتيجة، صارت سايغون تسمى هوشي منّه، وبقيت القدس الشرقية تسمّى يهودياً «يروشلايم الموحّدة» عاصمة إسرائيل، وأرض النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني تسمى في العالم «الأرض المقدسة» (تراسنطا)، و»حل الدولتين» قد يفضي بإسرائيل وفلسطين إلى نظام الفصل العنصري، أو «الأبارتهايد».. أو الترحيل «الترانسفير»!
قبل الثورة الفلسطينية المعاصرة (وخلالها وبعدها، أيضاً) كان فلسطينيون وعرب قالوا، إن إسرائيل اليهودية ستلاقي مصير الحملات الصليبية، كما أن غزاة وإمبراطوريات قبل إضافة إسرائيل قد رحلوا. هل يكرر التاريخ ذاته؟.. كلّا!
لم تتحمل دول جوار فلسطين ما تحمّلته تونس والمغرب في دعم الكفاح الجزائري المسلّح، الذي تشتّت بعد خروج بيروت، فاستندت قيادة المنظمة إلى الانتفاضة الأولى في إعلان استقلال دولة فلسطين، وهذا قادنا إلى «أوسلو»، وتأسيس أوّل سلطة وطنية فلسطينية.
هل يشبه إعلان مبادئ أوسلو إعلان اتفاق «الجمعة الطيبة» في النزاع الايرلندي، حيث انتهى كفاح الجيش الجمهوري الايرلندي ومنظمة «شين ـ فين»؟
كانت جزيرة ايرلندا مستعمرة بريطانية فقيرة، ونقلت بريطانيا مستوطنيها البروتستانت إلى شمال جمهورية ايرلندا الكاثوليكية، تحت اسم «أولستر». هذا نزاع قومي في ثياب نزاع ديني طائفي. ربما كان هناك شَبَه بين الاستيطان البريطاني البروتستانتي والاستيطان اليهودي في الضفة الغربية.. لكنْ هل ثمة شَبَه بين الصليبيين وإسرائيل؟
ما هو الفارق؟ وازنت أميركا بين تحالفها مع بريطانيا وبين قوة اللوبي الايرلندي في أميركا، ومن ثم رتّبت اتفاق «الجمعة الطيبة»، لكن أميركا لم توازن في مشاريع حلولها في المسألة الفلسطينية ـ الإسرائيلية، خاصة بعد إدارة ترامبية ـ جمهورية متحالفة مع الإنجيليين.
في مسألة جنوب أفريقيا كان النزاع عرقيا بين غالبية سوداء وأقلية بيضاء، والعالم الغربي يريد أن يتحرر من وصمة العنصرية، ومن ثم قبل مانديلا الأسود ودوكليرك الأبيض مبدأ: صوت واحد للرجل الواحد. من المستبعد أن تقبل إسرائيل بذلك، فهي لا تريد «الحل بدولتين» وبشكل أكبر لا تريد «دولة لجميع رعاياها».
في استعمارها للجزائر كانت فرنسا تزعم بأن الجزائر امتداد لها تحت البحر، وكان النزاع وطنيا ودينيا، كما هو حال النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، حيث تزعم إسرائيل استنادها إلى أساطير دينية وتاريخية، تبدو للعالم، وليس للعرب والفلسطينيين، أكثر تماسكاً من الزعم الفرنسي بالنسبة لامتدادها الجزائري تحت البحر. رابين لم يكن «ديغول إسرائيلي».
.. من ثم، فإن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي لا يشبه كفاح فيتنام، ولا فيتنام الجنوبية تشبه إسرائيل في حربها مع أميركا ضد فيتنام الشمالية، الصراع الفلسطيني ـ العربي، ولا الكفاح الجنوبي أفريقي ضد سلطة البيض العنصرية، يشبه الصراع الفلسطيني، حيث الجميع هنا حنطيون، ونسبة الشقر لدى الشعبين هي ذاتها تقريباً. نخوض صراعاً وطنياً واليهود يخوضونه صراعاً دينياً.
يقول الفلسطينيون، إن مصيرهم ليس مثل مصير «الهنود الحمر» الذين أبادهم، في أميركا الشمالية، الغزو الأبيض الاستعماري، وربما يشبه قليلاً الغزو الأبيض البرتغالي ـ الإسباني لأميركا الجنوبية، حيث كانت هناك حضارات قديمة مزدهرة دمّرها الغزاة، مثل: الأنكا، والأزتيك، والمايا.. وسواهم، كما كانت حضارات أرض فلسطين. توطن الغزاة في دول أميركا الجنوبية، وأعطوها لغتهم، لكن فلسطين ـ إسرائيل بقيت ثنائية اللغة، ونهض الفلسطينيون في إسرائيل بعد النكبة، كما الفلسطينيين في الأرض المحتلة بعد الاحتلال، لكن بقيت سلطة الغزاة هي الحاكمة، إلى أن وصل بعض أحفاد الأنكا والأزتيك إلى السلطة في بعض دولها، مثل بوليفيا وفنزويلا.
النزاع الايرلندي بين البروتستانت والكاثوليك يشبه أو لا يشبه النزاع الإسلامي ـ اليهودي، والمهم أن حزب «شين ـ فين» (وتعني: يا وحدنا) فاز في انتخابات ايرلندا الشمالية العام 2020، واعتزل زعيم الحزب جيري أدامز، الذي التقى الرئيس عبّاس العام 2014 في رام الله: نزاع ايرلندا هو الأقرب في الشبه.
فيتنام الموحّدة والمنتصرة مشغولة ببناء نفسها كواحدة من «النمور الآسيوية»، والجزائر المستقلة مشغولة ببناء نفسها من سلطة جبهة التحرير الوطني إلى سلطة وطنية ديمقراطية، وجنوب أفريقيا تنجح شيئاً فشيئاً في دمج سكانها البيض والأفريكانز (بقايا الاستعمار الهولندي) مع سكانها السود.
أمّا فلسطين في صراعها مع إسرائيل فلا تشبه إلاّ نفسها، وحل هذا الصراع لا يشبه حلول صراعات كان الفلسطينيون (والإسرائيليون، أيضاً) يتشبهون به.. لماذا؟ لا يشبه الصراع الجزائري الصراع الفيتنامي، الذي لا يشبه صراع ايرلندا، ولا جنوب أفريقيا.
.. وبالطبع، لن يكون مصير الفلسطينيين كمصير «الهنود الحمر»، فيما صار الولايات المتحدة، ولا العنصرية الإسرائيلية تشبه العنصرية الأوروبية البيضاء. كلّنا حنطيُّون، وما عدا ذلك لا نتفق على شيء. لا على الانفصال الوطني ولا على شروط الاتحاد الديمقراطي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تشبه إلّا نفسها لا تشبه إلّا نفسها



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ صوت الإمارات
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 03:01 2025 الخميس ,01 أيار / مايو

اعوجاج العمود الفقري ما أسبابه وكيف يعالج
 صوت الإمارات - اعوجاج العمود الفقري ما أسبابه وكيف يعالج

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 07:08 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر بطيء الوتيرة وربما مخيب للأمل

GMT 22:57 2015 الأربعاء ,28 كانون الثاني / يناير

بيع نسخة نادرة من "بلاي ستيشن 4" بـ 129 ألف دولار

GMT 13:42 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

محكمة ألمانية تحكم بتعويض مدرسة محجبة بعد رفض توظيفها

GMT 17:00 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مرضٌ مزمن غير معروف يهدد حياة بريطانية

GMT 15:17 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

نيكي هايلي تُعلن إغلاق حسابها الشخصي على "تويتر"

GMT 06:19 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

طاجن الأرز باللحم والبصل الأخضر

GMT 07:22 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

كُنغُر يُهاجم بوحشيِّة عائلة في منزلها في أستراليا

GMT 23:31 2018 الثلاثاء ,18 أيلول / سبتمبر

مرزوق يودع بطولة العالم للمصارعة الرومانية للشباب

GMT 21:55 2015 الإثنين ,17 آب / أغسطس

زلزال متوسط يضرب ضواحي مدينة سان فرانسيسكو

GMT 22:16 2015 الإثنين ,20 تموز / يوليو

شركة "إل. جي." تطلق هاتفًا مخصصًا لصور "سيلفي"

GMT 03:13 2015 الجمعة ,02 كانون الثاني / يناير

تسريب مواصفات هاتف "سامسونغ" الجديد "Galaxy J1"

GMT 14:45 2018 الإثنين ,30 إبريل / نيسان

"إقامة دبي" تنظّم معرض منتجات أصحاب الهمم

GMT 03:57 2014 الجمعة ,31 تشرين الأول / أكتوبر

مطاعم "أربن بايتس" تفتتح فرعين جديدين في أبوظبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates