بقلم - علي ابو الريش
لو فكرنا كيف نتخلّص من الخصام، لاستطعنا إزاحة الكثير من الغيوم التي تلطخ سماءنا بالعتمة، ولتمكنا من تفادي التعثر بحصى العلاقة مع الآخر.
قد يقول قائل: إن بعض المشكلات مع الآخر لا يمكن تجاوزها، وبذلك ليس من السهل الصفح عن الآخر الذي يسبب لنا تلك المشكلات.
هذا الرأي مجرد تصور تلقيه الأنا في العقل، وتجعل من المشكلات البسيطة بحجم الجبال، وبالتالي لا يمكن تلافيها.
المشكلة في الإنسان وما يتخيله وليس في الموضوعات الخارجية، حيث يواجه الأشخاص مشكلات جمة، في التخلص من المشكلات التي تعترضهم، والتي تكون تحت سطوة الوهم الأنوي، الذي يضع صوراً مرعبة للمشكلات، ويوهم أنهم أبرياء، والآخر يرتكب بحقهم الجرائم، مما تصبح مشكلات لا حل لها إلا بنشر القطيعة مع الآخر، وهي التي تتفجر إلى كدر وغيظ، ما يصدر عنهما دخان أسود يقطع الأنفاس، ويذهب بالأفراد إلى مناطق أشبه بالأنفاق ومناجم الفحم القاتلة.
نحن بحاجة إلى اكتشاف الخدع البصرية، التي تبرزها الأنا وكأنها حقائق، ونحن ننساق خلفها مثل القطعان، لا نملك ما يحررنا من قيودها الفتاكة.
أشياء كثيرة نتخيلها في الآخر، ونظن أنها حقائق دامغة، ولا نستطيع تبينها، لأن الأنا تغطيها بهالة من الأفخاخ المباغتة التي تداهمنا، كلما حاولنا تبصرها ونستمر في غيبوبة الخداع، ويزداد أعداؤنا الوهميون، ويتضاعف همّنا وتوجّسنا من كل إنسان، نستشعر فيه الشبه من الآخر الذي نكرهه، ولا تنتهي السلسلة، كما لا تنتهي هواجسنا وآلامنا، ونظل هكذا مثل الأرانب المذعورة، نختبئ تحت ركام هذه الفوبيا، ولا نستطيع تقبل رأي من يوجه لنا النصيحة، بل قد نظمه إلى مجموعة الأعداء الذين تصورناهم، ودائماً نعيش حالة الإحساس بالظلم والدونية، وعقد لا حد لها من الضغائن والمحن.
فالأنا عندما تنتفخ بالوناتها، تجعلنا دائمي الشكوى والإدانة، والتحريض على الخوف من الآخر، وكلما اتسعت الفجوة مع الآخر، شعرنا بالخوف أكثر، لأن الخوف والعزلة مترادفان، مكملان لبعضهما مقويان لشوكتهما، متعامدان على الرأس مثل شمس القيظ.
الذين يقعون في قبضة الأنا، يمسكون باليقين الوهمي، وهو كائن أعمى يقودهم إلى حفر المفاجآت الأليمة، والإخفاقات الوخيمة، ولا حل لديهم غير المزيد من التقوقع والعزلة القاتمة.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة الاتحاد