بقلم - علي ابو الريش
ربما طرأ ما يشبه العرقلة للوصول إليها عربياً، ولكن ستبقى لسوريا تلك الجداول التي تحيي العظام الرميم، لأن ما حدث ليس هو الطبيعي، ولا الموضوعي، وإنما هي الطفرة السياسية والتي أحدثت هذا الطفح الجلدي، على جسد هذا البلد العربي، مما شجع كل قاص ودان في امتطاء الفرس السوري، والسير به بعيداً، متأزراً بأجندات خبيثة ملغّمة، ومطعّمة بسموم، وخناجر مميتة، فعندما وجدت الأطراف الطامعة بالفراغ الذي ملأ جغرافية سوريا، كما احتشد في توجهها السياسي، لم تستغرق وقتاً كي تقتحم الأسوار، وتحطّم الثوابت، وينهار تحت ظلال سيوفها كل البناء الحضاري السوري الذي نشأت عليه الثقافة السياسية، والاجتماعية السورية، وتصبح سوريا مغلّلة بأصفاد الغريب مزنجلة بقيود الحاقدين على عروبتها، والطامعين بأرضها، والمهيئين لاستغلال وضعها المهلهل، والتوغل في عظامها، ولحمها، ودمها، لتبقى سوريا، أمة من إماء السلطان، أو جارية في قصر البهتان، ولا أحد ينظر إلى هذا البلد غير أنه غنيمة العصر التي جفاها أبناء العصر.
حقيقةً، ما جاء على لسان معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، يقرع ناقوس الخطر، وينبه كل من غفل، وكل من أهمل، وكل من صد، وأشاح في وجوم عن ورطة عربية تقع مساميرها في سوريا، وتسيل لعاب الأنياب الصفراء.
إن ما تحدث عنه وزيرنا لهو المنخل الذي يراد به تنظيف الساحة العربية من نشارة الخشب التي لحقت به، جراء استمرار مناشير الغضب في شق لوحه، وتحطيم أجزائه جزءاً، تحت ذرائع وهمية، وحجج عدوانية بغيضة، تكره كل ما هو عربي، مستندة على أساطير تاريخية وأحلام مضى عليها الزمن، وقوة منزوعة الحقائق.
سوريا بحاجة إلى عربانها، وأهلها، سوريا لن تكون في يوم من الأيام مقاطعة جغرافية منزوعة الأصل، والفصل، مفصولة عن بعدها العربي، سوريا تطالب أهلها وذويها اليوم أكثر من أي وقت مضى، لأن سيول الطغيان، والبطر السياسي فاض صديدها، ولم يبق أمام العرب اليوم إلا فرض الوجود الطبيعي، في أي حل أو نقاش يرتبط بهذا البلد.
وما جاء على لسان وزيرنا الموقر، هو الكلمة الفصل التي يجب أن تدشن وضعاً عربياً جديداً، يضع سوريا على رأس الاهتمام العربي، وفي مقدمة توجهاتنا نحو حماية حياضنا، ودفع الأذى عن حقوقنا المشروعة.
ما نبس به الوزير أنور قرقاش، يعبر عن وعي ويقظة استثنائية للمسؤول الإماراتي، بينما يغط باقي العرب في مشكلاتهم الداخلية، ويهيمون سغباً بتلك الهموم، والتي لا ننتقص منها، ولكننا نقول إن لسوريا علينا حقاً في انتشالها من وحل الأطماع الإقليمية.