بقلم - عائشة سلطان
قلنا في المقال السابق إن المستشار بوملحة قد أعد مؤلفاً جديراً بالقراءة والإشادة، حول كل ما يتعلق بأحياء دبي القديمة، وعلى الرغم من أنه لم يتوسع في الحديث عنها بالتفصيل، إلا أنه لم يغفل -مشكوراً- الإشارة إلى الفرجان أو الأحياء كلها المعروفة في ذلك الزمان، فعدَّدها كلها وأحصاها وفرّق بين الفريج الكبير والفرجان الصغار، التي كانت تقع ضمن ذلك الفريج، وعليه فكل من سيطالع هذا الكتاب سيشعر بقيمته وبضرورة التوثيق الطبوغرافي لكل حي ولكل منطقة من مناطق دبي القديمة، وخاصة ما يتعلق بالمعالم المادية والبشرية لكل حي، وسيلمس مقدار الجهد المبذول في جمع مادة الكتاب والفائدة المترتبة عليه، خاصة إذا ما قاد لاحقاً إلى مزيد من الدراسات التوثيقية في الاتجاه نفسه.
ستصابون بنوع من الدهشة، لكنها الدهشة الحلوة التي تشعر بها تفتح قلبك وروحك على مصراعيهما وأنت تمشي على أطراف الزمن متعجباً من قدرة دبي وأهلها في تلك السنوات الصعبة على اجتراح معجزة التأسيس والبناء، بناء العلاقات، الأحياء التي لا تعد ولا تحصى في مساحة صغيرة لا تتجاوز بضعة كيلومترات من الأرض، الأسواق المتخصصة، التنوع الثقافي والعرقي، تنوّع المهن والحرف التي أنتجت بالتالي أسواقاً قد تتعجبون من وجودها في ذلك الزمان!
سأترك الكتاب الرائع للمستشار والذي أشكر له إهداءه لي، وأنصت بشغفٍ حقيقي لصوت وذاكرة والدتي تُعدِّد لي مسميات وتخصصات الأسواق في دبي قديماً، فتذكر أول ما تذكر سوق العرصة الذي كان يقع قريباً من سوق الذهب الحالي، كان هذا السوق عبارة عن تجمع أسواق صغيرة هي: سوق المناظر والزجاجيات والمسابيح والخرز والإكسسوارات النسائية، سوق «المضربة» أو المنجدين، سوق الصفافير أو النحاسين، وكان فيه مكان لتجمع الجمال القادمة من الصحراء حاملة منتجات البدو مثل: (الحطب/ الصخام/ الدهن/ اليقط..)، إضافة لسوق الذهب، سوق الحلول والأدوية الشعبية، سوق مرشد التجاري، سوق الظلام، وجهة الفرضة على خور دبي وجدت المقصبة أو المقصب!