بقلم: طارق الشناوي
هالة صدقى من أكثر بنات جيلها موهبة وتلقائية وقدرة على التنوع فى فن الأداء، إلا أن كل ذلك مرهون بتواجد مخرج، يضبط إيقاعها على «الموجة»، مثلما حدث مؤخرا مع محمد سامى فى «جعفر العمرة»، ومع انتهاء عرض المسلسل، اكتشفنا أنه مسلسل «صفصف»، يتجسد حضور هالة الطاغى فى حالة تواجد مخرج، يعرف مفاتيحها، مثلما حدث فى الماضى، سينمائيا مع المخرج عاطف الطيب «الهروب»، وتليفزيونيا جمال عبد الحميد «أرابيسك».
هؤلاء هم القادرون على قراءة شفرة هالة الفنية، غير ذلك بمن فيهم المخرج الكبير يوسف شاهين، لم يتعاملوا سوى مع السطح، وهكذا يمر العمل الفنى وكأن شيئا لم يكن، وتسأل نفسك هل كانت هالة مشاركة فى العمل الفنى، وتلك هى مأساة فيلمها الأخير «الملكة»، الذى أرضى طموحها الشخصى بأن تصبح هى عنوان الفيلم، وترى صورتها فى البؤرة على «الأفيش» بطلة محورية، وكل الخيوط الدرامية منها وإليها.
الفيلم إخراج سامح عبد العزيز، واحد من أنشط مخرجى هذا الزمن فى السينما والتليفزيون، وهو ينطبق عليه توصيف «الصنايعى»، الذى يفهم أصول المهنة، إلا أنه لا يمتلك خصوصية، وهكذا تتعدد الفرص التى يحصل عليها، والمشروعات التى تسند إليه، ولكن لا يتبقى غالبا من الكثير الذى يقدمه سوى عدد محدود جدا، والباقى يسقط سريعا من الذاكرة، له فقط هذا الأسبوع فيلمان الثانى هو «ليلة العيد»، بطولة يسرا، وهكذا بضربة واحدة وجه طعنة قاتلة لنجمتين وجدتا نفسيهما فى ذيل القائمة وبعيدا حتى عن المقارنة بالأفلام الأخرى.
كان المفترض أن يصبح هذا هو موسم انتصار المرأة سينمائيا، والكل أكد أن «النساء قادمات»، إلا أن على أرض الواقع لاقت ثلاثة أفلام منها هزيمة نكراء، مع اختلاف الدرجة.
أحيانا نسارع بإصدار الأحكام، وهكذا طوال الخمسة عشر يوما الماضية عشنا فى حلم نسائى كاذب، يشبه ما يصيب أحيانا بعض الزوجات، ويطلقون عليه «حمل كاذب»، نقرأ رؤوس موضوعات ونتابع برامج تبشرنا بعودة المرأة مجددا لصدارة المشهد السينمائى، بعد أن عرضت تباعا وبالصدفة أفلاما بطولة منى زكى ويسرا وليلى علوى وهالة صدقى، الوحيدة التى خرجت منتصرة من هذا السباق هى منى زكى، أنصفها قطعا فيلم «رحلة 404»، لأنها تعرف جيدا كيف تختار المخرج قبل السيناريو، وكان وجودها المشع أحد أهم أسلحة نجاح تلك «الرحلة» التى قادها باقتدار هانى خليفة، إنها علاقة ثنائية، الشاشة فرضت وجودها وهى تألقت بقوة مع فريق العمل، ومن الممكن أن نجاح الفيلم يفتح شهية المنتجين لتكرار التجربة ويعود جيل منى، قطعا ممكن جدا، لم تكن المرة الأولى للرهان على النجمات اللاتى بدأن فى الألفية الثالثة، بين الحين والآخر نتابع فيلما وعلى استحياء بطولة منة شلبى أو هند صبرى أو ياسمين عبد العزيز، وكانت ياسمين هى الأقرب لتحقيق نجومية الشباك، اقتربت ولكنها حتى الآن لم تتحقق فعليا، إلا أنها لا يزال أمامها مساحة قادمة.
ولدينا أمل أن «رحلة 404»، ربما يعيد لهذا الجيل مساحة للتواجد، مع ملاحظة أنه طبقا لتركيبة السينما المصرية، لا تتوقع أن نعثر فى هذا الزمن على المنتج الجريء، الذى يراهن على أى مغامرة، رهان منتجى الفيلم محمد حفظى وشاهيناز العقاد، حالة استثنائية، لا أتصور أن لدينا إلا القليل جدا من المنتجين الذين يتمتعون بتلك الرحابة الفكرية.
كانت الصدفة وراء عرض أفلام بطولة جيل يسرا التى أراها أكثر الخاسرات، بتلك التجربة، بينما ليلى تواجدت فى مشروع فيلم «مقسوم» ينقصه قطعا الكثير إلا أنه محاولة تستحق أن تمنح المخرجة كوثر يونس فرصة أخرى، وأن تفكر أيضا ليلى فى مشروع آخر، وتبقى هالة صدقى، حالة خاصة، فهى بالقياس لجيلها لم يسند لها إلا عدد محدود من الأفلام التى لعبت أو شاركت فى بطولتها، ولهذا كان حضورها فى «الملكة » فى البؤرة وبتلك المساحة هو المفاجأة، كما تم تغيير اسم الفيلم من «كتف قانونى» إلى «الملكة» لاستثمار نجاحها فى رمضان يؤكد أن تواجدها فرض نفسه بسبب ما حققته من جماهيرية فى الشارع العربى، كانت هالة بين الحين والآخركما يبدو على الشاشة لا تزال تحمل بداخلها بقايا من «صفصف»، وهو أمر لا يجوز مع ممثلة محترفة، ولا مع مخرج منوط به أن يصبح عينا على أداء الممثل.
لا أتصور أن هناك من كان يفكر فى شىء أبعد من مجرد تقديم فيلم يقتات على ما تبقى من تراث السينما، ولا يحمل أى طموح سوى أنه كان مباشرا فى البحث عن شباك التذاكر بتلك التركيبة التجارية، التى أيضا لم تحقق داخليا ما هو مرجو، والسبب، ليس اسم البطلة غير القادر الجذب، فلقد وقف مع هالة كل من شيرين رضا والراقصة دينا ورانيا يوسف، مع باسم سمرا الذى، يشعرنى فى أفلامه الأخيرة، أنه يدخل الاستديو ويؤدى دوره بروح وإحساس الموظف الذى يطيل النظر بين الحين والآخر إلى ساعته وهو يتثاءب ترقبا لنهاية يوم العمل الرسمى الممل.
«الملكة»، فرصة للبطولة كانت تستحقها منذ زمن بعيد هالة صدقى، ولكن ليس أبدا على هذا النحو، وهارد لك هذه المرة «صفصف»!.