بقلم - حمد الكعبي
من الولايات المتحدة إلى أوروبا والصين، ينشغل السياسيون والمبرمجون وخبراء أمن المعلومات بجدل واسع حول تقنية الجيل الخامس للاتصالات «جي 5»، يتفرع إلى أكثر من وجه لهذه الثورة العالمية الجديدة، ومكاسبها المعرفية الهائلة، وأهميتها في التقدم البشري، مثلما يطال النقاش مخاطرها في فتح المجال أمام سيطرة «إنترنت الأشياء» على حياتنا، دون القدرة على الردع البشري، وكذلك جوانب تتعلق بالتجسس واختراق المعلومات الأمنية الحيوية للدول.
هناك قلق عالمي وترقب. وأيضاً هناك مَن يطالب بالانتظار إلى حين التدشين الرسمي للتقنية، المتوقع العام المقبل، كما في بعض الدول الأوروبية. أما الولايات المتحدة، فعبرت بوضوح عن مخاوفها من نفاذ الصين إلى شبكتها المعلوماتية الخاصة، ومنع الرئيس دونالد ترامب الشركات الأميركية من بيع منتجاتها إلى شركة «هواوي» الصينية، على الرغم من أن ذلك يلحق ضرراً بالشركات الأميركية نفسها.
ما يهمنا في الإمارات، أننا لسنا أقل انشغالاً من العالم بكل وجوه ثورة الجيل الخامس، وسنكون من أوائل الشعوب التي تستفيد من إمكاناتها وقدراتها، في الوقت الذي تحمي فيه الأطر التشريعية والتنظيمية خصوصية المعلومات، وأمنها، وهذا يتصل بقوانين عدة، وكذلك ببروتوكول الإنترنت في الإمارات، وبالشروط التي تضبط بموجبها الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات عمل مزودي خدمات الاتصال.
لا نقلل من شأن القلق في العالم، لكن أعددنا ما ينبغي لاستقبال «جي 5»، وسنراقب مع غيرنا مستقبلها. الأهم هو جاهزية الدولة وبنيتها المعلوماتية القوية والحديثة، ومرجعياتها العلمية والتنظيمية، وقد أعدت «الهيئة العامة للاتصالات» استراتيجية الإمارات لتقنية الجيل الخامس 2020-2025، لتكون الدولة الأولى في المنطقة في هذا السياق، مثلما وقعت شركة «اتصالات» هذا العام في برشلونة، اتفاقاً مع شركة «إيركسون» العالمية، لتزويد النطاق المحلي بتقنية الجيل الخامس، ومن المقرر أن ينتهي بناء 1500 محطة قاعدية لها في الإمارات، مع نهاية العام الحالي.
نحتاج أكثر من غيرنا في المنطقة إلى «جي 5»، فقد بدأنا منذ سنوات مشروعاً وطنياً لاقتصاد المعرفة، والاستفادة القصوى من الثورة الصناعية الرابعة، والإسهام فيها بفاعلية، ولدينا برنامج فضائي يصل بنا إلى المريخ، وكذلك منصات رقمية للابتكار، وإزاء ذلك لا يمكن التردد في استقبال الجيل الخامس، خصوصاً أن كثيراً من المخاوف المتعلقة به مدفوعة بصراع أجهزة استخبارات دولية، أو افتراضات بفوضى في الشبكة، أو حتى رغبات شركات متنافسة.
المهم، أننا مستعدون منذ العام 2017، وفي مايو 2018، أطلقت الإمارات شبكات تجارية من الجيل الخامس على نطاقات (c-band)، كأول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفِي نهاية العام، ستكون التقنية متوفرة في موقع معرض إكسبو في دبي، وما نريده الآن هو كثير من الإحاطات والشروح لهذه التقنية ومكاسبها وخسائرها المحتملة.