بقلم : علي أبو الريش
في شارقة الثقافة، أهداب السرد، حاكت ثيمة البوح، في المهاجر والمعابر، والمسابر، وما حطّت عنده طيور بأجنحة اللوعة والوله في هذا الملتقى، ألقى كل من المشاركين معطفه، وحزم أمره، وأطلق جناحيه للريح كي تحلق الكلمات في فضاء معطّر بالشفافية، وتحدق الأفكار في مناطق مزخرفة بالحيوية، وتلاقت وتسامت وملأت وعاء القلب بشهد الحب، والابتسامات الشفيفة، دليل وعي ثقافي تنمو أشجاره على ضفاف النهر العربي الكبير.
وتعشب حقوله عند واحات الأمل، لنتصافح من جديد مع الذات، يخرجها منها لتطل على عالم مغسول بالثلج والبَرَد، لا تشوبه شائبة وتخيبه خائبة، ويأتي هذا الملتقى المهم جداً في زمن عربي تهشَّم عموده الفقري بمعاول الغدر والحقد والجهل من قبل فئة نصَّبت نفسها على منبر القضاء، تقصي وتلغي وتجز وتحز وتفتك وتهتك وتشيع الخراب واليباب، وتضرب الحضارة الإنسانية في عمقها، وعنقها.
في هذا الملتقى الذي عقد على مائدة شارقة الحلم والعلم، أبدى المشاركون تفاؤلهم بالغد، وأعلنوا تصميماً وعزماً على كسر حاجز الغرف المغلقة، والانطلاق إلى فضاء ملوَّن بالحب، والوفاء للغير، لكونه جزءاً أساسياً في صناعة الحضارة، مؤمنين بأن الأنا والآخر في وعاء واحد، في درب واحد، ومصير واحد، الأمر الذي يستدعي الوعي بأهمية الانسجام والوئام، ولأن الرواية برلمان الإنسانية المفتوح، فإن عليها تعلِّق الإنسانية آمالاً عراضاً، ويقع على عاتق كتابها مسؤولية التحرر من الخوف، والتخلص من الرواسب والإمساك بزمام الأمور من أجل عالم حر، وفكر مستنير يقود البشرية إلى مستقبل زاهر مبهر، مزدهر مثمر بفاكهة الإبداع والعطاء الإيجابي.
في هذا الملتقى ازدهرت الشارقة بمنتج جديد هو لقاء السرد وعناق الأحلام بأشواق الذين أحبوا الحياة وعشقوا لذة العيش بلا أسوار ولا خوار، ولا سعار ولا غبار.
في هذا الملتقى، جاهد القائمون على نجاحه بكل نفس ونفيس أن يكون سراجاً جديداً، ينطلق هنا من الإمارات باتجاه عتمة العالم من أجل إضاءة تفصح عن مكنون حضارة عربية أراد لها الظلاميون، أن تنطفئ وتخبئ أسرارها، في معطف العدمية.
في هذا الملتقى الأضواء كانت ساطعة لامعة بسطوع الأفكار وجلاء الأزهار على شفاه الذين أبدوا وعياً بأهمية أن يكون للسرد قنواته التي يسير فيها من دون عائق أو ناعق، أو ناهق. في هذا الملتقى، توازت الخيوط المعرفية، بحيث أصبحت قوس قزح يلوِّن المكان، ويشكّل للزمان لوحة جديدة بمعطيات الفرح والسعادة في بلد يسعى دوماً لإسعاد الآخرين.