محمد الجوكر
من لا يحفظ ماضيه، لن يحفظه مستقبله، من منطلق هذه القاعدة تولّدت الحاجة إلى تدوين الأحداث وحفظ التواريخ والأسماء، وهذه الحركة الإيجابية التي تقوم بها حالياً بلدية دبي مشكورة، للحافظ على تاريخ الإمارة من خلال تأسيس مركز دبي للتوثيق، مقر المنطقة التراثية في الشندغة، أكثر من رائع، فقد قمت بزيارة للمقر، وأعجبت به كثيراً، لما يحتويه هذا المركز الوثائقي المهم لمدينة دبي..
وقد اطمأننت بأن التوثيق والتاريخ في أيدٍ أمينة، بعد أن التقيت مجموعة من شباب وبنات الوطن، يحبون ويعشقون هذا الجانب المهم، جعلوا مخاوفي بعيدة، بعد أن وجدت هذه الرغبة والحيوية والحماس..
لدى الزملاء في المركز، الذي يتم إعداده لحفل افتتاح يتناسب مع مكانة دبي التاريخية في المنطقة، بعد أن أصبحت الوجهة الأولى للعالم، فهذه الفكرة تستحق الإشادة، لما تقوم به بلدية دبي من جهود لأهمية التوثيق لدبي، من كل الجوانب متصدّين، رافعين شعار "كي لا يضيع تاريخنا الوطني"، وستواجهنا مشكلة كبيرة إذا لم نتدخل للحافظ على تاريخنا، حيث ستكون معضلة كبرى تتمثل في عدم وجود الغطاء الرسمي المتكفل بتدوينه، في ظل عدم تصدي المدونين للأوراق والمستندات المهمة..
فالجماعة يعلمون وليسوا من (بياعي الشو)، فهم واضحون في خططهم وبرامجهم واستراتيجيتهم ، لعرض التاريخ والحضارة من خلال طرح المعلومات الحقيقية، وفق مستندات ووثائق مع أناس مختصين ومؤهلين مهتمين بالمعرفة بالتاريخ، فهي أمانة لا يدرك أهميتها إلا المؤمنون بها، وهذا ما وجدته أمس.
* لقد لمست وشعرت وأنا أتجول مع عبد العزير الشحي وعبد الرحمن الريس وشمة بنت شفيع من غرفة لأخرى، الأوراق الثمينة، التي تؤكد مكانة دبي التاريخية، حرصاً مني على توثيق الرياضة الإماراتية، وكرة القدم على وجه الخصوص، ومسيرة اللعبة منذ فترة الأربعينيات، وقبل ذلك كما تقول الروايات تحديداً عام 1928 انطلاقاً من أهمية التواصل بين الأجيال..
والاطلاع على الرجال المخلصين الأوائل، الذين خدموا القطاع الرياضي، وأتشرف بما لدي من أرشيف رياضي، بالمساهمة في هذا المكان الأثري الجميل، لتكون معلومات محفوظة وحقائق وعمق وفهم ورؤية، وما يملكه الأخ عبد العزيز الشحي مشرف المركز من ثقافة وتخصص في التاريخ، حيث يملك بعداً تاريخياً يتطلب من الجميع التعاون والمساهمة معه في هذا المشروع الوطني الكبير..
وأهمية إنشاء هذه المراكز، فهو يعنى بتاريخ الوطن، وفق عمل مؤسسي يرتكز على أرضية صلبة من أساليب الضبط والحفظ والرصد التقني والمعلوماتي، ينطلق من منهجية احترافية مدعومة بعقول وطنية مستنيرة وكفاءات متخصصة في هذا المجال، لربط الجوانب التوثيقية، بما وصلنا إليه من الحداثة..
ومن هنا أطالب أن تتجه بوصلتنا وثقافتنا وتفاعلنا واهتمامنا، إلى حفظ تاريخنا في كل المجالات من متخصص يضمن صيانته من الضياع والتلف والتلاعب وقلب حقائقه، فهذه أمانة علينا جميعاً والهدف الحقيقي وراء هذا المشروع الحيوي هو ضرورة المحافظة على تاريخ دبي، لتخوفنا من اندثار هذه المعلومات التاريخية..
ومن هذا المنطلق جاء حرص البلدية المؤسسة الوطنية الرائدة، لتشجع مثل هذه الأعمال التراثية التوثيقية، كمشروع وطني نفتخر به وبما قام به الآباء والأجداد من دعم لمسيرة تطوير دبي، حتى وصلت إلى ما فيه اليوم، من تطور وازدهار، وقد أسعدني التجاوب الكبير الذي وجدناه بالشندغة وأسعدتنا لتؤكد صحة توجهنا في ضرورة التوثيق في مختلف مرافق الحياة .. والله من وراء القصد.