بكين - علي صيام
تشتهر صحراء "غوبي" الصينية بعالم من الفن البوذي المرسوم والمنحوت في كهوف منذ مئات السنين، مثل كهف "دونهوانغ"، حيث لوحات الحائط الملونة بألوان زاهية ونقوش تصور الحياة الدينية والاجتماعية للثقافة البوذية الصينية في القرن الـ 14.
وتقع مدينة دونهوانغ على أطراف الصحراء، وتعتبر مكانًا للمتاجر الرخيصة وسوق الليل والمجوهرات الرائعة والذهب، وازدهرت المدينة كونها واقعة على طريق الحرير وقوافل الحجاج البوذيين بين آسيا الوسطى والهند، وتحتوي المدينة أيضًا على مجموعة من الكهوف البوذية التي تحتوى رسومات وتماثيل للديانة البوذية.
ونقلت معظم ممتلكات الكهوف من المخططات واللوحات الجدارية والتماثيل التي يبلغ عمرها ألف عام، إلى متاحف لندن وباريس وكامبريدج وماساشوستس عند اكتشاف خبراء الأوروبيين والأميريكان لهذه الكهوف ومحتوياتها في القرن الـ 21 في رحلة كلفتهم الكثير من المشقة والمتاعب.
وتفيد الأسطورة بأن راهبًا بوذيًا يدعى يوزون وصل المدينة في عام 366 للميلاد، ولديه رؤية لألف صورة لبوذا في مخيلته، فذهب إلى كهف رملي يبعد حوالي 15 ميلًا عن وسط المدينة في مكان يعرف الآن باسم "كهوف موقاو"، وبدأ في رسم لوحات إبداعية لبوذا وقصة حياته على جدران الكهوف وحتى على الأسقف في بعض الأحيان.
وأصبح حوالي ألف كهف في المنطقة منذ ذلك الوقت مكانًا للرسومات الدينية البوذية، وخصوصًا أن المدينة تقع على طريق الحجيج، ولكن لم يتبقى منها الآن إلا 735 كهفًا بسبب زحف الصحراء على المدينة وتغطية الكهوف بالرمال.
ويتوافد أعداد كبيرة من السياح الصينيين لرؤية الكهوف التي تديرها أكاديمية "دونهوانغ"، ويكمن التحدي الأول الذي تواجهه الأكاديمية في تنظيم الحشود في مكان صحراوي ورملي كهذا، واستطاعت الأكاديمية بناء مسرح يوفر للزوار الجدد مشاهدة رقمية للكهوف بأربع زوايا كبديل عن الجولات الطويلة التي لا يسمح لمعظم السياح بالقيام بها.
وأنتجت أكثر الكهوف روعة في ذروة حكم سلالة تانغ في وقت مبكر من حوالي 618 و718 للميلاد، وهي الفترة التي كانت التماثيل واللوحات الجدارية أكثر بذخًا، وتحتوي العديد من الألوان مثل الأخضر والبني والبيج، ويظهر فيها الإمبراطور الصيني وحوله مجموعة من البوذيين والفنانين وهم يرتدون ملابس جميلة ويخوضون نقاشًا يبدو مهمًا.
وتظهر مشاهد من الحياة اليومية القروية في العديد من الكهوف كالاستحمام والزراعة وحقول القمح والإعداد لحفل الزفاف، وتمثل بعض الكهوف محاريب لعبادة بوذا فهي مليئة بتماثيل له بالحجم الطبيعي، ويبلغ طول بعض التماثيل 75 قدمًا وأخرى 50 قدمًا.
وأكدت السلطات الصينية في الأعوام الأخيرة أنها ستستعيد الكنوز التي أخذت إلى الخارج مما سيشعل معركة في المستقبل بين الصين والدول التي تمتلك تلك القطع.
أرسل تعليقك